ذهب المعلمون ومدراء المدارس وأولياء الأمور والأكاديميون في أحاديثهم حول تقييمهم للتعليم العام في ثلاثة اتجاهات؛ البعض يقول إنه ليس بالمستوى المطلوب، ويرى قلة أنه جيد، وآخرون وصفوه بـ"المتردي" خاصة في الثلاثة الصفوف الأساسية الأولى والتي تعد أهم مرحلة تعليمية، حيث تتشكل فيها شخصية الطالب، إلا أن الاهتمام بها مازال غائبا في غالبية المدارس.
المناهج
يعرف المنهج بأنه كل الخبرات المعرفية، والمهارية، والقيمية والسلوكية، والعلمية، ووسائطها، من أنشطة وأساليب وطرائق وأدوات التعليم والتعلم والتقويم، المنظمة والموجهة نحو تحقيق أهداف تربوية تعليمية محددة لدى المتعلم، سواء حدث التعلم والتعليم في الصف أو محيط المدرسة أو خارجها، أو كان نشاطا فرديا أو جماعيا، بحسب وثيقة "المنطلقات العامة لمناهج التعليم العام".
والمنهج يترجم فلسفة التعليم وأهدافه في المجتمع اليمني، وله عدة مكونات تتمثل في الأهداف (معرفية، وجدانية، مهارية، اجتماعية) حسب مستوى البرنامج التعليمي، إلى جانب المحتوى والوسائط (الأشكال التي ينظم فيها المحتوى المطبوعة والمسجلة والمصورة والمتلفزة كالكتب الدراسية والأدلة والمواد المساعدة كأدلة التجارب المعملية، ونحوها)، والطرائق والأساليب والأدوات والأنشطة التعليمية والتقويم.
غموض كبير
تؤكد دراسات علمية ومعلمون وعدد من المهتمين أن بعض محتويات مناهج التعليم العام الحالية يشوبه غموض كبير، خاصة في الصفوف من الرابع وحتى السادس الابتدائي، وتحديدا مادة العلوم للصف الرابع، وتحتاج إلى معلمين متخصصين، وهو ما تفتقر إليه المدارس، وأن محتوى المناهج بشكل عام -تحديدا الكتب المدرسية- لا تلائم قابليات الطلاب ولا تراعي الفروق الفردية بينهم، وأن تطويرها لم يتم في ضوء خطة علمية ومعايير لتطوير عناصر المنهج (الكتاب المعلم الوسيلة وغيرها)، وأنها لم تعط اهتماما أكبر للمهارات المرتبطة بشخصية المتعلم، وأن تأليف الكتب يتم دون إقرار وثائق المناهج الدراسية، كما تم تعميم الكتب برغم أنها كانت تجريبية بداية الأمر...
وفي الوقت الذي أكدت فيه مصادر موثوقة في وزارة التربية والتعليم أنه يجرى بين الحين والآخر مراجعة الكتب الدراسية، وأن تطوير جميع عناصر المنهج لم يتم حتى الآن، برغم أنه كان يفترض أن تجدد كل خمس سنوات، بحسب وثيقة "المنطلقات العامة لمناهج التعليم العام".
يقول مسؤول مخازن بإحدى مدارس أمانة العاصمة، المعلم جميل ضيف الله: "نعاني إشكالية في كتاب الوطنية للصف الخامس الابتدائي تكمن في وجود مواضيع جديدة في الطبعة الأخيرة 2009/ 2010 ولا توجد في الطبعات السابقة، فالمعلم إذا كان متخصصا يتجاوزها، ما لم فتبقى إشكالية تؤرقه وتؤرق الطلاب. وبالمثل في الصف الثامن ما يتعلق بمساحات الدول، وأيضا ما يتعلق باسترجاع الكتب من الطلاب، برغم أن الغالب أن يتم الإجابة على الأسئلة في نفس الكتاب وهو ما يجعل الطلاب المستفيدين منها في العام الدراسي التالي مقيدين بتلك الإجابات سواء كانت صحيحة أم خاطئة".
لا تنمي روح الإبداع
من جانبها تؤكد وكيلة مدرسة الرماح الأساسية الثانوية للبنات بأمانة العاصمة، عاقلة أحمد سيف، بأن الإشكالية عدم إشراك مدرستها ولا المعلمين العاملين فيها أثناء إعداد وتطوير المناهج المدرسية (الكتب الدراسية) وهو ما أكده جميع من التقيناهم.
وبينت أن محتوى كتاب القراءة للصفوف الثلاثة الأولى لا ينمي القدرة لدى الطلاب على إتقان الإملاء والقراءة، وأن معظمها توصيلات وإكمال الفراغات وعلامات صح وخطأ، وأنه إذا وجد سؤال عن أي موضوع (الهمزة وطريقة كتابتها مثلا) لا يوجد شرح مختصر عنها أو أي معلومات عن كيفية كتابتها بحيث يستفيد منها الطالب أو ولي أمره. وطالبت بضرورة إرفاق ملخص أسفل الورقة في كتاب القراءة وتكثيف مادة الإملاء بهدف معالجة الضعف القائم حاليا في هذا الجانب والذي ينتج عنه ضعف مستوى الطلاب في بقية المواد الدراسية. الإشكالية ذاتها (ضعف القراءة والكتابة) تجمع عليها بقية المدارس التي زرناها. الغالبية أرجعوا السبب إلى الكتب الدراسية والمعلمين وتدني المستوى العلمي والثقافي والمعرفي لبعض أولياء الأمور.
لم تتغير في كتبنا
إلى ذلك أوضح مدير ثانوية الكويت بالأمانة، أحمد الحبابي، معاناتهم في الكتاب المدرسي الذي مازال يتحدث عن الماضي ويحتوي على نظريات انتهت وقوانين جددت لكنها لم تتغير في كتبنا بالرغم من التغيرات الكبيرة على مستوى الوطن والعالم.
وأكد وجود فجوة بين المنهج والكتاب وبين المعلم، متمنيا تلافيها والاهتمام بها جميعا. وبرغم ذلك يرى أن الكتب الدراسية حديثة إلى حد ما، كونه "استنتاجيا"؛ لكنه يتطلب تطوير بقية العناصر وتثقيف أولياء الأمور والطلاب ليتمكنوا من المراجعة لأولادهم حيث لا يستطيعون حاليا القيام بذلك لعدم توفر أي معلومات إضافية.
مواكبة للتطور
خلافا لذلك يرى التربوي نصيب ردمان سعيد وآخرون أن محتوى المناهج يواكب إلى حد ما تطور التعليم، إلا أنه يغيب فيه الجانب العملي الذي من أجله وضعت، وأن طلاب اليوم غير قادرين على تنفيذ المنهج، سواء على الواقع العملي أو البحث في مجالات الحياة التي تحكي عنها المناهج، وعدم وجود المعامل التي تنشدها. ويضيف: "في مادة الرياضيات، كوني متخصصا في تدريسها لطلاب الثانوية العامة، تظهر صعوبة مفادها أن كثيرا من الطلاب لا يمتلكون أساسيات الرياضيات البسيطة، من حفظ جدول الضرب والقسمة والقوانين الابتدائية الداخلة في التحليل والتركيب والاستنتاج والاستقراء إلى غير ذلك".
طرق التدريس
تعتبر طرق التدريس والأنشطة التي يستخدمها المعلم ومهاراته التدريسية وشخصيته، بما فيها الألعاب والزيارات والمشروعات والتجارب للمتعلم وكذا الوسائل من صور وأشكال ورسوم وخرائط وأفلام وشرائح ومعامل ومختبرات والبيئة المدرسية بشكل عام ومصادر التعلم المساعدة... مجموعة مكونات تندرج تحت مكون "الطرائق والأساليب والأدوات والأنشطة التعليمية"، أحد مكونات المناهج، وينبغي أن تنمي طرق التدريس وأساليبها روح الإبداع والابتكار وحل المشكلات وحب التعلم الذاتي وتنمي ملكة التفكير الحر والمستقل وتجنب التلقين والحفظ. إلا أن جميع من استطلعنا آراءهم اعترفوا بأنها مازالت بدائية تقليدية تلقينية ويعتبرها ردمان "متخلفة"؛ لكنه أرجع السبب لعدم توفر المعامل المدرسية والمكتبات التي من خلالها يتم البحث العلمي والتطبيق. وأوضح الغالبية أن فاقد الشيء لا يعطيه، سواء كان مدرسا أو طالبا أو إدارة، "غالبية قادة التربية والتعليم سواء في الوزارة أو مكاتبها في المحافظات والمديريات ليسوا تربويين ولا يعرفون من التربية إلا اسمها، وبقاء ذلك على ما هو عليه لعمر طويل يمل منه الدارس والمعلم والإدارة".
لا يمكن تطبيقها
من جهته اعترف مدير ثانوية الكويت بالأمانة، أحمد الحبابي، بقصور دور المعلمين في طرق التدريس، برغم أن المناهج وضعت وتتطلب طرقا حديثة (الحوار والمناقشة). وأضاف: "لكن المعلم لا يستطيع تطبيقها في الوقت الحاضر؛ لأسباب عدة، منها عدم إلمامه واطلاعه على مختلف العلوم، بالإضافة إلى أنها تتطلب لتطبيقها عددا محدودا من الطلاب داخل الفصل الدراسي لا يتجاوز 30 أو 40 طالبا، إن لم يكن أقل، وليس كما هو قائم حاليا، الفصل يتكون من مائة طالب وأكثر".
لكنه لم يخف تميز بعض المعلمين باستخدام طرق وأساليب متجددة تجذب انتباه الطالب وتؤدي إلى نتائج متميزة. وحث الحبابي الطلاب على الإطلاع ومتابعة كل جديد خاصة في المواد العلمية لتوسيع مداركهم كونهم جزءا من هذه الإشكالية وكذا المعلمين لتطوير قدراتهم.
إشكاليات المعامل
وحول التطبيق العملي ومدى توفر المعامل والوسائل المدرسية وتجهيزاتها، يقول التربوي أحمد علي محسن، مختص المعمل المدرسي بمدرسة التحرير أعبوس بمحافظة تعز، إن هناك عدة صعوبات يواجهها معمل المدرسة ومعامل معظم المدارس بشكل عام، منها: "عدم مواكبتها للتطورات الموجودة في المناهج ووجود أدوات عفا عليها الزمن ومواد كيميائية لم تستعمل منذ أكثر من عشرين عاما معظمها تالفة وما هو موجود لا يحقق نتائج دقيقة، وعدم توفر التجهيزات الخاصة بالمعامل، ولا مراعاة المواصفات الفنية عند بنائها والتي تشتمل المخزن ومحرقة للنفايات ومخلفات التجارب والطاولات وغيرها، وتعرض بعضها للتلف والسرقة، لعدم وجود الأمن، وعدم توفر أدوات السلامة والأمان، كطفايات الحريق ومواد الإسعافات الأولية، إلى جانب عدم توفر المبالغ المالية لتسيير نشاط المختبرات خلال العام لشراء النواقص والبدائل للمواد وإصلاح الأجهزة التي تتعرض للعطب، وغياب دور المجالس المحلية في القيام بالصيانة الدورية وعدم توفر أجهزة معينة مثل الكمبيوترات وأجهزة العرض والفيديو والبروجكتور وشاشات العرض الكبيرة والأفلام والأقراص المضغوطة والتي تحتوي على عرض للتجارب والأنشطة والتعريف بالكائنات وغيرها، وعدم منح مختص المختبرات بدل مخاطر، كونه أكثر عرضة للإصابة بالسرطانات وأمراض أخرى نتيجة تعامله مع المواد الكيمائية السامة والمختلفة.
ويعترف مدير مدرسة التحرير الأساسية الثانوية بتعز (مدرسة ريفية يلتحق بها 670 طالبا وطالبة) أنهم لا يستطيعون تدريب الطلاب عمليا سوى في بعض المواد لبعض العينات الموجودة، وبحسب إمكانياتهم، مشيرا إلى معاناتهم من عدم توفر الوسائل التعليمية اللازمة كالمجسمات والأشكال البلاستيكية والسيديهات وغيرها، وأن ما هو متوفر بعض الوسائل الورقية فقط، معتبرا ذلك من أبرز الإشكاليات التي تعانيها مدرسته، إلى جانب نقص المعلمين في مادتي اللغة الإنجليزية واللغة العربية، ومشاكل كثيرة تتعلق بالمبنى المدرسي القديم الذي أصبح آيلا للسقوط ولم تحرك الجهات المختصة ساكنا بالرغم من مناشدتها أكثر من مرة.
سنوات بلا فائدة
إلى ذلك أشارت وكيل مدرسة الرماح إلى أن المعمل المدرسي في مدرستها تنقصه مستلزمات يطالبون بتوفيرها منذ سنوات دون فائدة؛ دواليب زجاجية لحفظ المواد كراسي طفاية حريق نترات الفضة اسيتون هيدروكسيد الأمونيوم جهاز عرض الشرائح ومراحل تكوين الجنين وأحماض، خصوصا وأن الموجود لديهم مخفف ولم يستبدل منذ عشر سنوات.
وأضافت: "نحرص على تطبيق جميع دروس العلوم في المعمل، إلا أننا نواجه إشكالية ضيق قاعة المعمل، وهو ما يحول دون الاستمرار في التطبيق العملي ويضطر المعلمون والمعلمات لاصطحاب جهاز التجربة إلى داخل الفصل الدراسي، فيما يتم شرح بعض الدروس دون وسيلة، ويعتمد على التلقين مع أن الدرس قد يكون مستلزما وسيلة تعليمية كما في فصول المرحلة الأساسية".
وبينت أنه يوجد لدى المدرسة بعض الصور والأشكال والرسوم التي تنتجها الطالبات وبمساعدة من المعلمات، والبعض الآخر من مركز الوسائل التعليمية التابع لوزارة التربية، ولفتت إلى أن المدرسة مازالت بحاجة إلى بعض الوسائل وقاعة خاصة بها، كونها حاليا في إحدى قاعات المعامل، وكذا رفدها بميزانية لتسخيرها للطالبات بهدف تشجيعهن لإنتاج الوسائل وشراء البعض الآخر.
من جهته أوضح وكيل مدرسة الفاروق بالأمانة، منصور العريقي، عدم توفر بعض المواد في المعمل المدرسي، وأنهم تلقوا وعودا من الجهات المختصة بتوفير معمل متكامل ومعمل للحاسوب وهو ما لم يتم حتى الآن.
وأضاف: "أيضا بقية الوسائل التعليمية كثير منها غير متوفرة، لكننا نوفرها بعدة طرق؛ إما من إنتاج الطلاب وإما من خلال تواصلنا مع الجامعة".
ولا يختلف الوضع في مدرسة الوحدة الأساسية بمديرية التحرير بالأمانة، والتي أكد مديرها عبد الله النعامي أنهم أثناء إجازة الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي الجاري تسلموا معملا مدرسيا متكاملا بعد طول انتظار.
متوفرة ولا يستفاد منها
الأمر يختلف نوعا ما في ثانوية الكويت، بحسب مديرها الحبابي، والتي يتوفر فيها جميع مواد المعامل (الكيمياء الفيزياء الأحياء) ومعامل الكمبيوتر وكذا المكتبة المدرسية؛ ولكن الأعداد الكبيرة للطلاب (4 آلاف طالب وطالبة فترة واحدة: صباحية) تحول دون التمكن من الاستفادة القصوى منها بالرغم من حداثتها التي قد لا تتوافر لدى كثير من المدارس.
ويضيف: "حتى إذا قمنا بتقسيم طلاب الفصل إلى مجموعات ستظل المشكلة قائمة ولن يدخل الطالب إلى المعمل طوال العام الدراسي سوى مرة أو مرتين. وبالمثل في معمل الكمبيوتر وطرق التدريس وهي إشكالية (ازدحام الطلاب) تعانيها غالبية المدارس الحكومية".
من جهته يوضح مدير مدرسة الشهيد الثلايا الأساسية بمنطقة الثورة بأمانة العاصمة، علي القعشلة، أنه يتوفر لديهم معمل مدرسي واحد تجرى فيه كافة التطبيقات الخاصة بمادة العلوم وبشكل مستمر ويومي، ما يعني أنهم يستفيدون منه بشكل كبير في تقليص طرق التدريس التلقينية واستخدام التجارب المعملية بدلا منها، بالإضافة إلى ما اكتسبه المعلمون من دورات تدريبية في طرق التدريس الحديثة، مشيرا إلى نقص مواد المعمل كمادتي الكلور والبوتاسيوم وغيرهما، والوسائل التعليمية الحديثة التي تعوق أداء المعلم في تطبيق بعض التجارب؛ لكنهم -حد قوله- يستعينون بما هو متوفر لدى المدارس المجاورة، وتم رفع مذكرة إلى مكتب التربية بذلك.
وزاد: "كما تلقينا وعدا من وزير الدولة أمين العاصمة مؤخرا بتزويد المدرسة بما لا يقل عن عشرة أجهزة كمبيوتر وجهاز برجوكتر بهدف تطوير طرق التدريس ونستخدم أحيانا شاشة التلفزيون وجهاز الدي في دي لإيصال بعض المعلومات للطلاب".
ولفت إلى أنه "بخصوص بقية الوسائل التعليمية كالصور والرسوم والأشكال تم توجيه كافة أعضاء هيئة التدريس بتشكيل جماعات بالتعاون مع الطلاب لإنتاجها من خامات البيئة تشمل كافة المواد الدراسية"، موضحا إشكالية قلة الوسائل الخاصة بمادة الرياضيات والكثافة الطلابية داخل المدرسة والتي يلتحق بها 2000 طالب لفترتين: صباحية ومسائية.
التقويم عملية تشخيصية
هنا ينبغي التطرق للآلية المتبعة في تقويم الطلاب والتي تتمثل -بدرجة رئيسية- في الاختبارات، سواء كانت شفهية أم تحريرية في عموم محافظات الجمهورية ولم يتم التقييم بغيرها -بحسب من شملهم هذا التحقيق- والتقويم -بحسب أكاديميين ودراسات علمية- عبارة عن عملية تشخيصية هدفها معرفة مواطن القوة والضعف في الطالب وتتطلب التنويع في أدواتها والصدق والثبات والموضوعية والتميز والدقة في الأدوات؛ إذ على ضوء نتائجها ستوضح برامج للعلاج والتصحيح.
ولفتوا إلى أن التقويم الشامل لشخصية الطالب يتطلب استخدام الملاحظة والتقارير والبحوث القصيرة والمقابلات والاختبارات العملية والاستفتاءات والمقاييس الخاصة بالجانب الوجداني والشخصية والقيم والاتجاهات والميول، بما يؤدي إلى اكتشاف إبداعات الطلاب وتطوير العملية التعليمية بدلا من الاختبارات التي أصبحت غاية في حد ذاتها نتج عنها الاعتماد على الملخصات والدروس الخصوصية والتلقين وهدر الوقت والجهد والنفقات وشيوع الغش.
ويتفق مع ذلك قول غالبية من شملهم هذا التحقيق، لكنهم يرون أنه ينبغي أن يعمم على جميع مدارس الجمهورية من قبل وزارة التربية والتعليم، مع توفير متطلباتها وجعل الطريقة الحالية فرعية بدلا من أساسية، وتخفيض نسبتها من الدرجات مع رفع نسبة درجات الأنشطة السابقة الذكر.
الحل الأمثل!
يرى وكيل مدرسة الفاروق أن هذه الطرق تتوافق وطلاب المرحلة الثانوية في حال تم التوجيه بذلك، وأن طلاب المرحلة الابتدائية لا يحتاجون لأكثر من الاختبارات كون مدى استيعابهم بسيطا جدا، معترفا باهتمام الدول المتقدمة بطلاب المرحلة الأساسية وذلك بتوفير المعلم الجيد، على عكس ما نحن عليه؛ "أغلب معلمي المراحل الأساسية، وتحديدا الثلاثة الصفوف الأولى، هم خريجو دبلوم في حين أن خريجي البكالوريوس غير متوفرين بشكل كبير، وكذا خريجي الدكتوراه والذين يفترض أن يعلموا هذه الفئة؛ بحكم خبرتهم الطويلة". وطرحت وكلية مدرسة الرماح الإشكالية ذاتها: عجز في المربيات وتهرب الموجودات من تحمل مسؤولية هذه المرحلة. وطالبت بمضاعفة أجور المربيين والمربيات، وتكثيف ورش العمل التدريبية وتقديم الحوافز والتشجيعات.
وفي ذات السياق، لا ينصح الحبابي بتطبيق طريقة التقويم الأميركية (تحديد إجابة محددة بمعنى أن السؤال لا يقبل إجابتين)؛ كونها تتناسب مع عدد محدود من الطلاب حتى يستطيع المعلم أن يشرف عليها، معتبرا ازدحام الطلاب من المؤثرات المهبطة في العملية التعليمية والتي تدفع بالمعلمين والقائمين على المدارس باللجوء مضطرين إلى العمليات النظرية أكثر منها عملية، وأن الحل الأمثل لغالبية مشاكل التعليم قلة أعداد الطلاب.
تشجيع بمبالغ خيالية
سألنا النعامي حول مدى تكليف الطلاب بإعداد بحوث ميدانية من الواقع العملي، فردَّ قائلا: "خصصت وزارة التربية والتعليم حاليا وفي ضل توجيهات فخامة الرئيس المتكررة جوائز للطلاب والمبدعين في عدة مجالات (التعليم والرسم والفن والإنشاد وغيرها)، وهناك توجه من الدولة وتشجيع بمبالغ خيالية، ومن أراد أن يقدم إبداعاته سينال مقابل ذلك، وهذه مسألة تتطلب تشجيعا للطلاب من الجميع وليس من إدارات المدارس فقط".
إلى من يهمه الأمر
برغم أننا أبرزنا لها هويتنا الصحفية؛ إلا أنها رفضت الحديث للصحيفة. تلك هي مديرة مدرسة جمال جميل للبنات بمنطقة التحرير بالأمانة، وذلك بحجة أننا لا نحمل رسالة من المنطقة التعليمية توضح مهمتنا بحسب توجيهاتهم -حد قولها- وذات الإشكالية صادفتنا في مدرسة البتول بمنطقة الحصبة لذات السبب، وهو ما يعكس لا مبالاة كثير من الإدارات المدرسية والجهات الرسمية المسؤولة عن العملية التعليمية ودورها في النهوض بالوطن الذي كما أعتقد لا يهمهم تطوره من عدمه.
يا فصيح لمن تصيح؟!
حقيقة لا يمكن تجاهلها أن الإدارة المدرسية عمود العملية التعليمية، فمتى ما صلحت صلح التعليم داخل المدارس، والعكس صحيح. ولكن للأسف الشديد، يعين الكثير منها، وأصبح ذلك من صلاحيات المجالس المحلية، ولم يعد لوزارة التربية أي تدخل، فيتم بشكل عشوائي ومعظمها بحسب الوساطات والمحسوبيات والولاء الحزبي برغم أن قانون التعليم يؤكد أن يتم تعيين المدراء من بين المؤهلين ومن خريجي كليات التربية وممن لا تقل سنوات عملهم في مجال التدريس عن عشر سنوات وتدرجوا من موجهين إلى وكلاء مدارس وحصلوا على دورات تأهيلية وغيرها من الشروط... لكن الواقع غير ذلك تماما.
لكن ذلك لا ينطبق على جميع المدارس، فهناك مدراء كثر يجب الاستفادة من مقترحاتهم في النهوض بالتعليم العام؛ كونهم يمتلكون بحكم خبرتهم الطويلة رؤية ممتازة للنهوض بالواقع الراهن؛ ولكنهم يظلون مهمشون و"يا فصيح لمن تصيح؟!".
ضف إلى ذلك قصورا كبيرا في دور التوجيه، إن لم يكن مفقودا تماما في الوقت الراهن، بدليل غياب هيبة الموجه وعدم الأخذ بتقاريره، على عكس ما كان في الماضي، حيث الهيبة والصرامة والتقارير ذات الجدوى التي ترفع من الميدان،بحسب مصادر في وزارة التربية أشارت إلى أن إجمالي عدد الموجهين في مختلف محافظات الجمهورية حوالي 7 آلاف موجه، عدد الذين تنطبق عليهم شروط التوجيه ألفان فقط لا غير، وأنه لا يوجد أي تقويم لعناصر التعليم جميعا باستثناء تقييم مستوى الطلاب عبر الاختبارات.
اتهامات متبادلة
لفت انتباهنا الاتهامات المتبادلة بين أولياء الأمور ومدراء المدارس والمعلمين؛ ففي حين يؤكد أولياء الأمور عدم قدرة المدارس الحكومية على تعليم أبنائهم بالشكل المطلوب ويحملونهم مسؤولية تردي الوضع التعليمي، وأن ذلك أحد أسباب نقل الكثير منهم من ميسوري الحال وغالبية المسؤولين أبناءهم من المدارس الحكومية إلى المدارس الأهلية ودفع مئات آلاف الريالات على تعليمهم، يتهم في ذات الوقت مدراء المدارس والمعلمون أولياء الأمور بالتقصير وعدم متابعة أبنائهم طوال العام الدراسي بالتنسيق مع المدارس حتى تظهر النتيجة النهائية أو النصفية ويجد ولي الأمر ولده راسبا أو ضعيفا، فيذهب إلى المدرسة مختلقا عدة مشاكل مع القائمين عليها بحجة ذلك، في حين هو أساسا لم يتجاوب ولم يتابع المستوى التعليمي لولده طوال العام.
المضحك المبكي ما أوضحه لنا أحد مدراء المدارس عندما جاء إليه أحد أولياء الأمور يستفسر عن سبب رسوب ولده، فسأله المدير: "ولدك في أي صف؟"، اضطر الرجل إلى إجراء اتصال هاتفي بزوجته للحصول على إجابة برغم أنه شخصية متعلمة، حد قول المدير!
مما لا شك أن الارتقاء بوضع التعليم مسؤولية مشتركة بين ولي الأمر والمدرسة وبقية الجهات، وينبغي أن يدرك ذلك الجميع، خاصة وأن غالبية الطلاب لا يدركون أهمية العملية التعليمية وتجد الكثير منهم عندما تسأله حول ما يتعلق بمستواه الدراسي يرد عليك: "أين سأذهب؟ ماذا ستعمل لي الدراسة؟"، وهو مؤشر خطير أفقد غالبية الطلاب ثقتهم بالمستقبل وأهمية التعليم. ويجب على أولياء الأمور أن يدركوا دورهم في التنشئة والتي تنعكس على أولادهم سلبا أو إيجابا.
مطالب لمعالجة الإشكاليات
وطالب المعلمون ومدراء المدارس -السابق ذكرهم وغيرهم- ولمعالجة الخلل القائم بالإضافة إلى ما سبق، بضرورة توفير الكتب المدرسية في أول يوم من كل عام دراسي، مع الأخذ في الاعتبار أن يكون كتابا واحدا للفصلين الدراسيين، وتوفير معامل متكاملة تشمل كافة أجهزة تنفيذ التجارب بشكل كامل وبنيتها التحتية لربط المنهج بالواقع والبيئة وتوفير كافة الوسائل التعليمة لجميع المدارس (أجهزة حاسوب، جهاز "دي. في. دي"، جهاز تلفاز، مختبر لغوي، آلة تصوير، آلة طبع مستندات)، وتوفير الكادر الخاص للمراحل الأولى والمؤهل تأهيلا عاليا، وإدخال التقنيات الحديثة في طرائق التدريس، مع تدريب المعلمين على ممارستها أثناء الإجازة النصفية أو النهاية وليس أثناء العام الدراسي، وحسن اختيار المعلم، وتكثيف الدورات التدريبية للمعلمين بشكل عام، وخاصة معلمي المواد التخصصية، مع دراسة جدواها، والارتقاء بأساليب التدريب والتأهيل من خلال مكافأة المستفيدين وبواسطة تتبع الأثر، بحيث لا تكون عشوائية كما هو حال الدورات القائمة حاليا والتي لا يقدم في غالبيتها المدرب أكثر مما هو لدى المتدرب، وعدم تحويل المعلمين والمعلمات الأكفاء إلى موجهين ونقل المعلمين غير الأكْفاء إلى أعمال أخرى، كونهم عبئا على العملية التعليمية وأحد أسباب ترديها، ومعالجة الوضع المعيشي للمعلم بحيث يتركز اهتمامه على التعليم بدلا من انشغاله بأعمال أخرى، وإعادة توزيع المعلمين، وإيجاد نظام صارم في ذلك، والأخذ بالاعتبار -قولا وعملا- أن المعلم حجر الزاوية في إصلاح وتطوير النظام التعليمي، وتفعيل دور التوجيه ومجالس الآباء المفقودة حاليا في غالبية المدارس، إلى جانب زيادة النفقات التشغيلية لتفعيل الأنشطة المدرسية.
وأوضحت مصادر في الوزارة عدم توفر الإمكانيات لرفد المدارس بالمعامل، وأن ما تم توزيعه مؤخرا لبعض المدارس كان مرصودا في ميزانية الوزارة من سنوات ماضية ومنذ عام 2005.
نكون أو لا نكون
في المقابل اعتبر أكاديميون ومهتمون أن المعوقات القائمة حاليا تحول دون تحقيق الأهداف العامة للنظام التعليمي، التي تتركز في تحقيق تربية شاملة متجددة تسهم في تنمية الجوانب الروحية والخلقية والوجدانية والاجتماعية والعقلية والجسمية والجمالية للفرد، وصولا إلى تكوين إنسان سليم وصالح ومنتج وقادر على تحقيق فهم قضايا مجتمعه اليمني وأمته العربية والإسلامية وإدراك خطورة التحديات التي تواجهها وضرورة التصدي لها الاستيعاب الواعي للتكنولوجيا الحديثة والمعلوماتية وأهميتها ومشكلاتها واكتساب مهارات التعامل معها وإتقان استخدامها والإسهام في تطويرها بما يخدم المجتمع والإنسانية واكتساب مهارات التفكير العلمي الناقد والموضوعي وإتقان أساليب البحث العلمي ومهارات جمع البيانات وتحليلها وتنظيم المعلومات ومعالجتها واستخدام النتائج في تفسير الظواهر والأحداث والتنبؤ بالمستقبل واستشراف آفاقه وحل المشكلات واتخاذ القرار الرشيد واكتساب المهارات الحديثة العملية والمهنية والتخصصية المناسبة لحاجات العمل وإتقانه والثقة بالنفس والاعتماد على الذات والتحلي بروح المبادرة واتخاذ القرار والتعلم والتثقيف الذاتي وغيرها منوهين بأن معالجة تلك الاختلالات كفيل بتحقيق الأهداف المرجوة.
الأغبري: الامتحانات تكشف عن عيوب كثيرة في المعلم وطرق التدريس والادارة المدرسية
أكد أستاذ كلية التربية جامعة صنعاء، الدكتور بدر الأغبري، ضرورة الاهتمام بجميع عناصر العملية التعليمية لإصلاح الخلل القائم حاليا واللحاق بركب التقدم والتطور الذي يقاس بمدى تقدم التعليم، مشيرا إلى أن الاستثمار في مجال التربية أكثر الاستثمارات عائداً، وأن مصير الأمم رهن بإبداع مواطنيها ومدى تحديهم واستجابتهم لمشاكل التغيير ومطالبه، وهو ما ينبغي أن يدركه المعنيون بالجانب التربوي في بلادنا كما فعل الآخرون.
وأوضح الأغبري أن الامتحانات جزء أساسي في العملية التعليمية، فهي قوة مؤثرة في مدى فاعلية التدريس والمناهج والكتب المدرسية، وتكشف مدى إيجابية التلاميذ والطلاب أو تفاعلهم مع عناصر العلمية التعليمية أو ضعفهم فيها.
وأضاف: "وبرغم أن نتيجة الامتحان تصلح لأن تكون نقطة انطلاق لإحداث كثير من الإصلاحات التربوية، إلا أنها تكشف عيوبا كثيرة في المعلم وفي طريقة التدريس والمناهج والإدارة المدرسية، من حيث التركيز على حفظ المعلومات وإهمال الأهداف التربوية التي تقيس جميع جوانب العملية التعليمية، ولهذا ستظل المشكلة تتضخم سنة بعد أخرى نتيجة لزيادة إعداد المتقدمين للثانوية العامة، خصوصا وأن الأساس في القبول للجامعة يعتمد على نتيجة الثانوية العامة دون وجود بدائل أخرى لها"، موضحا أن ظاهرة الغش تعتبر عملية تزييف لنتائج التقويم ومحاولة غير سوية وظاهرة اجتماعية منحرفة، وذلك لخروجها على المعايير والقيم الاجتماعية التي يضعها المجتمع، ولما تتركه من آثار سلبية تنعكس بصورة واضحة على مظاهر الحياة الاجتماعية في المجتمع.
أستاذ المناهج والتقويم التربوي:
المناهج طورت بأساليب علمية ومنهجية ولكن تأثيرها محدود لاختلال بقية العناصر
قال أستاذ المناهج والتدريس والتقويم التربوي بكلية التربية جامعة صنعاء، الدكتور عبد السلام الصلاحي، إن التعليم العام منظومة متكاملة من العناصر والمكونات والمدخلات والعمليات والمخرجات المترابطة والمتداخلة بعضها مع بعض، وأي خلل أو قصور في إحداها ينعكس سلبا على البقية وتؤثر على المخرجات، وأن أي تطوير لعنصر دون البقية قد لا تتضح معالمه ونتائجه المرجوة ولن يكون له أثر إيجابي.
وأشار إلى أن هذه العناصر تتمثل في المنهج المدرسي والكتاب المدرسي (وعاء المنهج) ومن يقوم بتنفيذ محتوى المنهج. ويتضمن ذلك طرائق التدريس التي يستخدمها المعلم والتقنيات أو الوسائل التعليمية والمعامل المدرسية والأدوات التعليمية والصالات والورش والمكتبات المدرسية والملاعب والأنشطة الصفية واللاصفية والبيئة التعليمية بصورة عامة، إلى جانب ما يرتبط بعملية التنفيذ، كالإدارة المدرسية والتعليمية والموجهين والمشرفين، ثم أساليب التقويم التي يتم اتباعها لمعرفة مدى تحقق أهداف المنهج لدى التلاميذ.
وأوضح أن المناهج أو الكتب المدرسية في التعليم العام طورت بأساليب وخطوات علمية ومنهجية وبواسطة خبراء ومتخصصين من الجامعات اليمنية ونخبة من الموجهين والمعلمين في الميدان (منهم بحدود 150 ألف معلم)، وأن القصور في مستوى تأهيل المعلم ونوعيته والتوجيه التربوي والإدارة المدرسية وبقية العناصر الأخرى هو ما جعل تأثير المناهج والكتب المدرسية محدودا للغاية بالرغم من الجهود التي تبذلها الدولة للتخفيف من أثر تلك الاختلالات، إلا أنها لا ترتقي إلى مستوى الطموح.
التغلب على جوانب القصور
واقترح الصلاحي، للارتقاء بالتعليم العام وإيجاد مخرجات تعليمية تتسم بالجودة والنوعية العالية قادرة على الإسهام في التنمية بكافة أشكالها، التغلب على جوانب القصور التي تعتري بعض عناصره والتطوير الشامل لجميع العناصر وفق شروط ومعايير علمية تستند إلى فلسفة ورؤية تربوية وأهداف واضحة وإجراء البحوث المستمرة وتنويع التعليم الثانوي بحيث يكون هناك تخصصات عديدة تتيح للطالب الاختيار وفقا لميوله ورغباته، وتوفير المباني والغرف الدراسية بكافة تجهيزاتها لتخفيف الازدحام وتطوير المناهج بصورة مستمرة وفق أسس علمية تراعي متطلبات التغيير واحتياجات التنمية وتنمي لدى الطلبة المهارات الأساسية، وأن يغلب عليها الجانب العملي التطبيقي على النظري الأكاديمي وتجريب الكتب قبل تعميمها، لافتا إلى ضرورة إدخال مقررات جديدة على المناهج كالثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان والتربية السكانية والبيئية والتربية المهنية والرياضية والفنية والموسيقية والحاسوب الآلي واللغة الإنجليزية من الصف الرابع أو الخامس الأساسي، والتربية الوطنية في المرحلة الثانوية والارتقاء بأدلة المعلم، بحيث تساعد المعلم على تنفيذ الأهداف وتطوير التعليم، بالإضافة إلى الارتقاء بمهام المعلم ودوره وكذلك المدرسة من مجرد تصنيف أو حصر أو فرز الطلبة إلى: حاضرين أو غائبين، ناجحين أو راسبين... إلى تحمل المسؤولية عن الأسباب التي تقف وراء كل حالة ومعالجتها.
وشدد على أهمية اتباع الطرق الملائمة في التدريس التي تؤكد إيجابية الطالب والتفاعل والتغيير الإيجابي في قيم وأفكار واتجاهات ومهارات الطلبة طرق تدفعه وتشوقه للتعليم والتعلم وتؤكد على التعليم الإتقاني وإلزام المعلمين بإشراك الطالب في عملية التدريس (جزء من الحصة للمناقشة والتطبيق) واستخدام التقنيات التربوية في التدريس إجباريا بعد توفيرها من قبل وزارة التربية والتعليم، إلى جانب تفعيل النشاطات المدرسية وجعلها إجبارية وجزءا من المنهج وتخصص لها نسبة 20 بالمائة من الدرجة الكلية للمقررات.
وزاد: "يجب أيضا استخدام تقويم متنوع والإفادة من نتائج التقويم التكويني والنهائي في تصحيح مسار التدريس والعملية التعليمية وتطويرها واتخاذ القرارات الجادة بشأنها وأن يشمل التقويم المهارات والقيم والاتجاهات والاستعدادات والميول ومبدأ الاستمرارية وغيرها، وتطوير الإدارة المدرسية والتعليمية، وحبذا أن تكون من أصحاب المؤهلات التربوية العليا وحصرها في مدة لا تتجاوز 3 سنوات، على أن تخضع للمنافسة والمفاضلة واتباع تقليد دائم لتشجيع القدوة الحسنة وتحديد شروط ومعايير جودة للتعليم الأهلي".
مقبل: التقويم التربوي للعملية التعليمية من أضعف الجوانب في النظام التعليمي اليمني
قال باحث أول في المناهج وطرائق التدريس بمركز البحوث والتطوير التربوي – عدن، سعيد عبده أحمد، إن الرؤية التعليمية غير الواضحة للدولة وتقادم اللوائح والتشريعات التربوية المنظمة للعمل التربوي والتعليمي وغيابها في بعض الوحدات الإدارية التربوية وضعف الاعتماد على البحث في اتخاذ القرار التربوي ووجود مدارس غير صالحة تربويا وقلة القاعات المخصصة للمختبرات المدرسية والأنشطة وتقص المباني المدرسية واستخدام مبان سكنية للعمل المدرسي ونقص واضح في التجهيزات والمستلزمات في معظم المدارس... وغيرها، أبرز مشكلات التعليم العام في اليمن.
وأوضح مقبل في دراسته "مشكلات التعليم العام في الوطن العربي - اليمن أنموذجا: دراسة تشخيصية للمشكلات ورؤية تطويرية للتعليم لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين"، التي صدرت مؤخرا في كتاب، أن اليمن سعى بكل الإمكانيات المتاحة إلى توفير الفرص التعليمية وتحسين جودته، وبالرغم من التحسن النسبي الملموس في المجال الكمي، إلا أن التحسين في المجال النوعي محدود، ما يسهم في تدني مستوى التعليم العام وضعف مخرجاته.
وأكد مقبل أن التقويم التربوي للعملية التعليمية والذي يعد خير معين على إظهار نواحي قصورها وتدعيم الإيجابيات يعد من أضعف الجوانب في النظام التعليمي اليمني كغيره من الأنظمة التعليمية العربية، وأن التركيز لا يزال يعتمد أساسا على التقويم الكلاسيكي للمتعلمين وأداء المعلمين دون تقويم أهداف التعليم واستراتيجياته والهيكل التعليمي والمناهج والإدارة وغيرها.
ولفت إلى أن نظامنا التعليمي لا يزال يفتقد لمركز يعنى بتقويم التعليم وضبط جودته وفق معايير سليمة، ويكتفى في الغالب بالتقويم الانطباعي أو المجزوء الذي يتناول مسألة فرعية يستهدف منها تلميع النظام التعليمي والإشادة به، الأمر الذي لا يخدم القضية التربوية وتطويرها.
رؤية للإصلاح
وقدم مقبل رؤية متكاملة لإصلاح وتطوير التعليم العام في اليمن لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين. وأوصى بضرورة اهتمام الحكومة بالتعليم العام بشكل أكبر، وأن تضعه في أعلى سلم أولوياتها في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على استكمال البنية التشريعية والتنظيمية للتعليم، والتهيئة لمشروع وطني كبير يرعاه رئيس الجمهورية، ويسمى "مشروع علي عبد الله صالح لتطوير التعليم العام في اليمن"، على غرار "مشروع مبارك لتطوير التعليم المصري" أو "مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام في المملكة العربية السعودية" والذي خصص له مليارات الريالات السعودية، وإعادة النظر في استراتيجيات قطاع التعليم والتدريب، وفي ضوء المراجعات النقدية للفلسفة والأهداف والسياسات، والوقوف بجدية أمام شروط ومعايير الإصلاح والتطوير، مؤكدا أهمية تشكيل مجلس وطني أعلى لإصلاح وتطوير التعليم من كوادر المؤسسة الرسمية ومنظمات المجتمع المدني وتكون له أمانة فنية من الخبراء التربويين ويعمل تحت إشراف مجلس الوزراء وتعرض تقاريره على لجان التربية والتعليم في رئاسة الجمهورية مجلسي النواب والشورى، والعمل على دعم هذه اللجان بخبراء تربويين، وإصدار قانون لإصلاح التعليم في اليمن لضبط السياسات العامة للمسارات التعليمية، والعمل على إعداد خطة وطنية لمشروع التطوير بحيث تشمل المؤسسات المشاركة والتمويل والخطة الزمنية والتي يقترح أن تشمل الفترة 2010 ـ 2025، وفق الخطة الخمسية، ضمن عدد من الاتجاهات