ماذا يريد المشرف التربوي من المعلم

ماذا يريد المشرف التربوي من المعلم ؟ وماذا يريد المعلم من المشرف التربوي ؟

قبل أن ندخل في موضوعنا : أريد أن أوضح أموراً ثلاثة :
أولها : من هو المشرف التربوي وما مهمته ؟
ولتوضيح ذلك أبدأ بتعريف الإشراف التربوي :
وهو عملية فنية شورية تقوم عل أساس من التخطيط السليم بهدف تحسين عملية التعليم والتعلم .
فالمشرف التربوي إذاً هو معلم اختير من الميدان ، ذو خبرة تؤهله لتحسين وتطوير العملية التعليمية التعلمية من خلال الأساليب الإشرافية بالتشاور مع المعلمين وتبادل الخبرات فيما بينهم .
ومن هنا نعلم أن أبرز مهمة يقوم بها المشرف التربوي هي : التطوير والتحسين والتقويم بمفهومه الشامل ، عن طريق الأساليب الإشرافية المعروفة . وهذا التطوير والتحسين يتم عن طريق التشاور مع المعلم ، حيث يتفق الاثنان على إبراز جوانب القوة وتعزيزها ، ومعالجة جوانب الضعف بغية الوصول إلى أحسن النتائج . فالمعلم والمشرف زميلان ، مهمتهما التعاون على تحقيق أهداف المدرسة ، في جو من الاحترام المتبادل ، وذلك وحده كفيل بإيجاد جو من التعاون الخلاَّق بين المعلم والمشرف التربوي، يستطيعان بواسطته معالجة كل ما تواجهه المدرسة من مشاكل بيسر وسهولة .
مما سبق نستطيع أن نقول إن مما يهدف إليه المشرف التربوي: التطوير والتحسين والمساعدة وتوطيد العلاقة ، والمشاركة في حل المشكلات أما تصيد الأخطاء ، والتسلط ، والنظرة الفوقية وغيرها من الصفات التي نسمعها فلا مكان لها في عمل الإشراف التربوي الحديث .
ثانيها : من هو المعلم وما مكانته ؟
للإجابة عن هذا التساؤل أرى ضرورة استحضار صفات المعلم الجيد وهو ذلك الشخص الذي اختير ليكون معلماً ومربياً يؤمن بعظم رسالته ، ويخلص في أداء عمله ، ويحمل هم تربية النشء ، ولديه الإلمام الكامل بتخصصه وأساليب التربية و طرق التدريس الحديثة، ويتمتع بقدر كبير من فهم الذات فيسعى إلى تطوير نفسه ، وتعميق خبراته بالشكل الذي يعينه على هدفه وتأدية رسالته .
ولا يختلف اثنان في أن منزلة هذا المعلم كبيرة ، ومكانته عظيمة ، وهو موضع تقدير المجتمع واحترامه وثقته ، كيف لا ؟ وهو يضطلع بهذه الرسالة السامية ، والمهمة النبيلة ، التي حملها قبله أشرف الخلق عليهم الصلوات والسلام ، ويكفي في بيان فضل المعلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : )إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها ليصلون على معلمي الناس الخير ( فهنيئاً للمعلمين هذا الشرف . والمعلم هو المؤتمن على أهم ما يملكه hلمجتمع من ثروة ، وهو الذي يتعامل مع العقول والأفكار .
أرأيت أعظم أو أجل من الذي : يبني وينشئ أنفسا وعقولا
وحديثنا اليوم ، وخطابنا موجه إليك أنت أيها المعلم يا من استشعرت عظم هذه المسؤولية، فتحملتها بكل ثقة واقتدار وصدق وإخلاص ، جاعلا همك تأدية هذه الرسالة، مستمداً العون من الله جل وعلا ، وهذا الصنف هم الأغلبية ولله الحمد .
وليس الحديث لمن جاء إلى وظيفة يتكسب من ورائها فحسب . فما نقص قدر العلم والتعليم إلا بعدما صار البعض ينظر إلى التعليم على أنه وظيفة تؤدى لأجل المقابل المادي، وينظر إلى المعلم بعدد ما يمكثه من ساعات بين جدران المدرسة، ففقد العلم والتعليم قدسيته، ورتع في حمى التعليم من ليس أهلاً له!.
ثالثها : أن الوصول إلى الكمال أمر متعذر والخطأ حاصل لا محالة ، فكلنا ذو خطأ ، و الذي لا يخطئ أبداً هو الذي لا يعمل أبداً إلا أننا نحاول الوصول إلى الكمال ونسعى إليه .
والمشرف التربوي أيها الأخوة بمثابة ذلك الأب الذي يطمح إلى أن يرى أثر المعلم التعليمي والتربوي على ابنه و والمشرف التربوي هو المسؤول الذي يمثل الإدارة العامة للتربية والتعليم ، فهو يتطلع إلى أن يكون المعلم مطبقا ما يرد من أنظمة وتعاميم ليس في التخصص فحسب بل في جوانب العملية التعليمية كافة.
والمشرف التربوي هو المسؤول عن معلمي تخصصه ، وهو يريد أن يرى أثراً إيجابياً لهذا التخصص على الطلاب .
إذا تقرر هذا فإن المشرف التربوي لا يريد من المعلم إلا ما يريده المعلم الناجح المخلص المحب لمهنته من نفسه ونقول : المحب لمهنته لأن من أعظم عوامل نجاح المعلم رغبته في التدريس. فما لم يكن المعلم مدفوعاً بحب التعليم ولديه رغبة في أداء ما حمل من أمانة التعليم فلن يتحمس لمهنته وبالتالي لن ينجح فيها .
ومن أعظم ما يبعث الرضا في النفس ويشعر الإنسان بقيمته في الحياة نشر ما يملكه من علم.
فماذا يريد المعلم الناجح من نفسه ؟
أعتقد أنه يريد من نفسه ما يلي :
1ـ أن يعمل بإخلاص مراعياً نصب عينيه مراقبة الله جل وعلا .
والإخلاص شرط أساس في كل عمل ، واستحضار النية في نفع الطلاب وتوجيههم لاشك أنه يجعل العادة عبادة ، ( لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) كما أن مراقبة الله جل وعلا حصن حصين من الزلل والتقصير .
2ـ أن يستشعر عظم المسؤولية التي يحملها ، فهذه أمانة والله سائل عنها يوم القيامة .
3ـ أن يكون قدوة صالحة في أخلاقه ومظهره وصدقه وجديته في عمله .
لأن الطالب يرى أن الحسن ما يفعله المعلم ، والقبيح ما يتركه .
4ـ أن يتعامل مع رسالته بصفتها رسالة سامية وليست وظيفة فقط.
فهي تشبه وظيفة الأنبياء الذين أرسلهم الله لهداية البشر وتعليمهم وتعريفهم بخالقهم ، وهو بمنزلة الوالد في عطفه على أولاده وحبه لهم .
5ـ أن يغرس في طلابه حب العقيدة والتمسك بالدين والاعتزاز به ، وحب الوطن والانتماء إليه .
6ـ أن يبعث في طلابه حب العلم وأهله والرغبة في التعلم وعلو الهمة ، فإن علو الهمة عنصر مهم جدا . فإذا خالط نفس الطالب رأيت منه العجائب. وكثير من الطلاب يملك هذا العنصر لكنه في حالة خمود فالمعلم الحاذق هو الذي يسعى إلى تنشيط هذا العنصر باستثارة حماس الطلاب وضرب الأمثال لهم وإعطاء القصص المفيدة، وربطهم بأهداف سامية.
7ـ أن يتصف بالعدل والمساواة بين طلابه فلا يظلم ولا يجامل .
8ـ أن يكون ملماً بالخصائص النفسية والجسمية والعقلية للطلاب وخاصة المرحلة التي يدرسها حتى يستطيع التعامل معهم بما يناسب هذه الخصائص.
9ـ أن يحذر طلابه من المذاهب الهدامة والأفكار المنحرفة خاصة في ظل هذا الانفتاح الإعلامي وانتشار الدعوات المغرضة والهجمة الشرسة على الإسلام وأهله .
10ـ أن يتحسس مشاكل طلابه ويسعى في تقديم الحلول المناسبة لها بالتعاون مع المرشد الطلابي وإدارة المدرسة .
11ـ أن ينمي في طلابه ملكة التفكير والموهبة والإبداع .
من خلال صقل مواهبهم وتحفيزهم وتشجيعهم على التفكير والإبداع ، فقد أثبتت البحوث التجريبية أن نظرة المعلم لتلاميذه ذات أثر كبير على تحصيلهم وتقبلهم. فإذا كان المعلم ينظر إلى تلاميذه على أنهم أذكياء وقادرون على التعلم وجادون ـ ويحسون هم بذلك ـ فسيؤثر هذا إيجابياً عليهم، أما إذا كان المعلم ينظر إليهم على أنهم كسالى ولا يفهمون شيئا فسيكونون كذلك .
12ـ أن يراعي الفروق الفردية بين الطلاب .
فإن من المسلمات التربوية أن الطلاب يختلفون في قدراتهم العقلية ومهاراتهم وسماتهم النفسية، فلا بد من مراعاة هذا الجانب في التعامل مع الطلاب. فالطالب الذكي المتفوق يحتاج إلى نشاطات تتحدى قدراته حتى يستمر في تفوقه، والطالب البطيء التعلم يحتاج إلى تأنِ ورفق في التعليم، والطالب الخجول يحتاج إلى أن يعامل بطريقة لا يتعرض بها إلى الإحراج الشديد أمام زملائه.. وهكذا مع كل نوعية من الطلاب، يجب أن تعامل بما يناسبها وبما يجعلها أكثر فعالية. وهذا مع فائدته في هذا الجانب فإنه يجعل الدرس أكثر حيوية بتنويع أساليب التدريس والتعامل مع الطلاب.
13ـ أن يكون على علم بخبرات الطلاب السابقة من خلال الاطلاع على ما تلقوه من مقررات في سنوات دراستهم السابقة ( حدثوا الناس بما يعقلون أتريدون أن يكذب الله ورسوله ) .
14ـ أن يلم بتخصصه ومن ذلك معرفته بفروع وجزئيات هذا التخصص .
15ـ أن يعنى باستخدام الوسائل التعليمية المناسبة ، والتقنية الحديثة قدر المستطاع .
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يبين لأصحابه معنى قول الله تعالى: }وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل { خط لهم خطاً مستقيماً وقال هذا سبيل الله، وخط خطوطا كثيرة عن يمينه وعن شماله وقال: هذه السبل .
وعندما رأى الصحابةَ يتحسسون منديلاً من حرير ويتعجبون من لينه ونعومته، قال صلى الله عليه وسلم: أتعجبون مِنْ هذا؟! لمناديل سعد في الجنة أفضل مِنْ هذا! .فهذا مثال واضح لأهمية الوسيلة التعليمية المحسوسة .
16ـ أن ينوع في طرائق التدريس حتى لا يمل هو ولا يمل الطالب بالاعتماد على الطرق الحديثة كالطريقة البنائية التي تجعل الطالب يبني المعرفة بنفسه . كما يحاول أن يبتعد عن الروتين المتبع في كثير من الدروس فيجدد في تنظيم المقاعد وينوع طريقته بالتهيئة الحافزة فن أكثر ما يثير الملل في نفوس الطلاب البداية الرتيبة للدرس،فكلمة: "افتحوا الكتاب صفحة..!" أو البدء بالكتابة على السبورة من الأشياء التي اعتاد عليها أكثر المعلمين، فالمعلم الناجح هو الذي يحاول دائماً أن تكون لكل درس بدايته المشوقة، فمرة بالسؤال ومرة بالقصة ومرة بعرض الوسيلة التعليمية ومرة بنشاط طلابي.. وهكذا. وكل ما كانت البداية غير متوقعة كلما استطاع المعلم أن يشد انتباه الطلاب أكثر.
17ـ أن يربط الموضوعات ببعضها وبالواقع الذي يعيشه الطلاب .
فإن الدروس الناجحة تحتاج إلى ربط موضوعاتها بغيرها من موضوعات المادة أو الموضوعات الأخرى، أو ربطها بمواقف الحياة ومشاهدها الملائمة، ومهما تكن كفاية المعلم وسعة اطلاعه فإنه لا يستطيع دائماً أن يعتمد على بديهته وارتجاله في إيجاد هذا الربط حين تدعو الحاجة إليه في أثناء الحصة، أما إذا أعدّ الدرس قبل إلقائه، فإن ذلك يجعله مطّلعاً على وجوه هذا الربط، ليقوم به بإحكام ودقة.
18ـ أن يلم بمهارة تخطيط التدريس وتنفيذه ( ذهنياً وكتابياً ) ، ومهارة إدارة الصف .
19ـ أن يحرص على تطبيق الأنظمة الواردة من الجهات المسؤولة خاصة ما يتعلق منها بتخصصه وما يتعلق بالاختبارات ، والتقويم المستمر .
20ـ أن يعتني بتحسين علاقته بإدارة المدرسة وبزملائه ، ويقوم بما يوكل إليه من أعمال ومهام وأنشطة غير صفية .
21ـ أن يعتني بتطوير ذاته ونموه المعرفي بالاطلاع الدائم على كل ما يستجد في مجاله
وتخصصه ومن خلال المشاركة في الأساليب الإشرافية والبرامج التنشيطية ، والدورات التدريبية فإن بعضا من المعلمين يقعون في خطأ كبير عندما يظنون أن تخرجهم ونيلهم للوظيفة هو نهاية المطاف وأنهم بذلك قد وصلوا مرحلة يستريحون فيها.وهذا غير صحيح. فيجب الحذر من الوقوع في هذا الخطأ وإنه وإن انتهى وقت الدراسة النظامية المقررة إلا أن وقت الدراسة الذاتية مستمر، وجاء دور مزج الدراسة النظرية بالخبرة المباشرة. فالمعلم الناجح هو الذي يحرص على الاستمرار في نموه العلمي والتربوي، فإنه لا شيء من هذه الدنيا في ثبات فكل ما لا ينمو فهو يذبل .
22ـ أن يحرص على علاقته بالمشرف التربوي وليعلم أنه إنما جاء لمساعدته ، والوقوف على أدائه وطريقته ومستوى طلابه بهدف تحسين الموقف التعليمي التعلمي ، من خلال تعزيز الإيجابيات ومعالجة السلبيات إن وجدت .
23ـ أن يتعاون مع المشرف التربوي بالمبادرة في تنفيذ الأساليب الإشرافية ، كاللقاءات والزيارات المتبادلة وورش العمل والدروس التطبيقية وبالمشاركة فيها وإبداء المرئيات والملحوظات .
24ـ أن يبرز المعلم للمشرف التربوي ما لديه من مواطن القوة حتى يمكن الاستفادة منها في الميدان بجمع هذه الخبرات الجيدة ، وتعميمها على المدارس للاستفادة منها ، ذلك أن المشرف التربوي بحكم عمله واتصاله بالمعلمين ، والاستماع إلى طرق وأساليب تربيتهم وتعليمهم ، يحصل على مجموعة من الخبرات والتجارب التي يمكن الاستفادة منها حين تعميمها .
25ـ أن يصارح المعلم المشرف بما لديه من نقاط ضعف حتى يضع المشرف الخطة المناسبة لعلاجها ، إما عن طريق الدورات أو النشرات التربوية ، ونحو ذلك .
26ـ أن يساهم في تطوير وتقويم المناهج والمقررات الدراسية التي يدرسها ، بإبداء الملحوظات والمرئيات .
وبعد أيها الأخوة فهذا ما يريده المشرف التربوي من المعلم ، وهو ما يريده المعلم الناجح من نفسه ـ كما أعتقد جازماً ـ والوصول إلى هذا سهل إن شاء الله إذا وجدت الإرادة الحقيقية ووجد التعاون والقبول والعلاقة الطيبة بين المعلم والمشرف التربوي .
وفي الختام أسأل الله جل وعلا أن يوفق المعلمين والمشرفين والقائمين على رسالة التعليم إلى كل خير . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

مواضيع مهمة جدا يااستاذ صالح الف شكر على هذا المجهود الطيب
هل يمكن ان تزودني ببعض المراجع عن الاشراف التربوي خصوصا دور المشرف في تطوير اداء المعلم

شكرا علي الموضوع الرائع