كفايات المشرف التربوي
(نحو تأسيس نموذج الاشراف بالكفايات)
أولا- التعريف بمفهوم الكفايات.
ثانيا- خصائص الكفايات .
ثالثا - توظيف مدخل الكفايات في تكوين المشرفين التربويين.
رابعا - عرض نموذج لتطبيق مدخل الكفايات في مجال الإشراف.
خامسا- استنتاجات و توصيات في أفق تطوير كفايات المشرف التربوي
وفق نموذج "الإشراف بالكفايات".
أولا : تـعـريف الكفايات :
الكفايات هي قدرات مكتسبة تسمح بالسلوك والعمل في سياق معين، ويتكون محتواها من معارف ومهارات وقدرات واتجاهات مندمجة بشكل مركب. كما يقوم الفرد الذي اكتسبها، بإثارتها وتوظيفها ، قصد مواجهة موقف أو مشكلة ما وحلها في وضعية محددة.
إن أهم ما ينبغي التنبيه إليه الآن بخصوص هذا التعريف والذي يحتم علينا الخروج من منظور الأهداف إلى منظور جديد، هو أن مفهوم الكفاية يدور حول فكرة النشاط الذي يتم داخل سياق معين( موقف أو مشكلة...). وبتعبير آخر، لكي نعرف ونحدد الكفايات وندبرها، ينبغي أولا أن نفهم طبيعة الشغل والمهن.وهذا ما يحدث بالفعل في اللحظة التي يتوجب على الفرد فيها أن يواجه موقفا أو يحل مشكلة، أو أن ينجز نشاطاً ويستعمل و يوظف كفاياته. فالكفايات لا تظهر خارج سياق النشاط و العمل.. وهذا الأمر يتضمن افتراضا ضمنيا مؤداه أنه إذا كان فرد ما يتوفر على كفايات فإنه سيستخدمها لا محالة. إن امتلاك كفايات هو في حد ذاته نوع من الضمان بأن النشاط سيتم و العمل سينجز بالفعل.
إن ضمان الإنجاز، وبمواصفات ومعايير معينة، من بين الضغوطات الممارسة حاليا على مؤسسات التكوين و التكوين المستمر و برامج التدريب،حتى يستجيب الخريجون والمستفيدون منها ، لتوقعات المقاولات واحتياجات سوق العمل. إن الهاجس الموجه للاهتمام بالكفايات هو التحكم في تدبير الموارد البشرية، واستثمار هذه الموارد بشكل فعال، بدل اعتماد التدبير الإداري الذي يتساوى فيه الأشخاص رغم اختلاف مؤهلاتهم واستعداداتهم.
وهذا في حد ذاته نوع من التدبير الجيد للموارد البشرية و الذي لا يمكن أن يتحقق دون اكتساب الكفايات المرجوة.
ثانيا: خصائص الكفايات :
قلنا بأن الكفاية هي تركيب ( تشكيلة ) من قدرات و مهارات واتجاهات مهما تمكن الفرد منها وانتظمت في شخصيته ،إلا وأصبح في مقدوره توظيف ما يلائم منها للتكيف مع الوضعيات الجديدة ومواجهة مختلف المواقف و المشكلات و إيجاد الحلول المناسبة لها . و من هذا المنطلق تبرز للكفايات خصائص و مميزات لعل من أهمها :
1- الشمولية و الاندماج :الكفاية شاملة و مدمجة ، إنها أشمل من الهدف الإجرائي في شكله السلوكي الميكانيكي . إن الكفايات صياغات ذات طابع توليفي ،تتألف من قدرات و مهارات مترابطة ، فتتميز بالتالي وتمتاز عن الأهداف السلوكية-الإجرائية التي تنحوا نحو التجزيء و تفتيت السلوك الإنساني .إن كل كفاية هي وليدة مجموعة من القدرات التي يقتضيها التكيف مع وضعية معينة أو مواجهة صعوبة أو مشكل طارئ أو التصرف إزاء موقف خاص . على أن التمكن من هذه القدرات يتطلب بدوره امتلاك جملة من المهارات التي تعتبر اللبنات الأساسية لتشكيل القدرة .وتتشكل هذه المهارات بدورها من مجموعة من الأداءات (الإنجازات ) المحددة في الزمان والمكان .
2- التركيب: الكفاية الواحدة يمكن أن تتألف من تشكيلة غير متجانسة من المعارف و المهارات و القدرات العقلية والخطاطات الحسية ... لكن ما يوحد كل هذه العناصر( المكونات ) هو فائدتها و منفعتها في حل المشاكل و من هنا الطابع الوظيفي العملي للكفايات ، إن ما يوحد بينها هو النشاط التقني و الاجتماعي الذي سينتج عن توظيفها .إن الكفاية غير منسجمة من حيث العناصر التي تتألف منها و لكنها منسجمة من حيث النتيجة المستهدفة. فكفاية "الإيمان بوظيفة المشرف " على سبيل المثال ، تتألف من عناصر كثيرة ومختلفة ، من مثل القدرة على إدراك دور المشرف و فهم أبعاده التربوية و الاجتماعية و الثقافية...و أهميته في تحقيق التنمية الشاملة ، وإدراك (معرفة) تأثيره في تنمية المعلمين ، واكتساب الاتجاهات (وجدان ) الإيجابية نحو مهنة الإشراف ، وقيامه بأفعال (مهارات سلوكية) و أنشطة عملية تثبت تحقق كل ذلك لديه... وغيرها . (لحسن مادي، 2001).
3 – المرونة : كما أن ما يميز الكفايات وخاصة الكفايات الممتدة (المستعرضة) هي مرونتها بحيث يكون باستطاعة الفرد تحويل مجال الاستفادة منها ،أي تطبيقها في سياقات جديدة ومختلفة عن السياقات التي اكتسبها فيها. فالفرد قد يكتسب "القدرة على شرح بعض المسائل الحسابية مثل الجمع والطرح" في دروس الحساب، لكنه عندما يستطيع نقل هذه القدرة من الإطار الضيق الذي اكتسبها فيه إلى إطار آخر أوسع، كأن يجعل التلاميذ قادرين على تطبيق العمليات في السوق ومحاسبة البائعين،أو توظيفها في القيام ببعض التحليلات اللغوية أو إعداد بعض البيانات الجغرافية على سبيل المثال ، ففي هذه الحالة تكون القدرة قد ترسخت لديه ككفاية ممتدة ،أي خارج السياق الذي ارتبطت به في أول نشأتها وترسخها في فكره ووجدانه.
4- التكيف: الكفايات تعني إقدار المتعلم أو المتدرب على أداء أنشطة و مهام و توظيف مكتسباته من خلال وضعيات و لحل مشاكل، أي إقداره في نهاية المطاف على التكيف و الملاءمة و الفاعلية.إن الكفاية تعبير عن القدرة على إنجاز مهمة معينة بشكل مرض.إن الكفايات تنظيمات لمكتسبات الفرد السابقة ، يتحكم فيها الفرد ليوظفها بفاعلية في وضعيات معينة و ذلك بانتقاء المعارف والمهارات و الأداءات التي تتناسب مع الموقف الذي يوجد فيه. إن التكيف الذي تسعى إليه الكفاية، هو تكيف يتأسس على مجموعة من المعارف والمهارات التي ترتبط فيما بينها بشكل مندمج لتحقيق الجودة و الإتقان الضروريان في كل إنجاز يهدف حل مشكلة. وهي كذلك ترتبط بالقدرة على التصرف السليم والملائم إزاء المحيط الاجتماعي. (عبد الكريم غريب، 2002).
5- الطبيعة اللولبية - النمائية : كما تتميز الكفاية بطابعها اللولبي ، فهي تشكيلة (مزيج ، كوكطيل) من العناصر ، منها ما هو مكتسب الآن و منها ما تم اكتسابه في حصص ومواقف وتجارب ماضية ، عناصر تتجمع شيئا فشيئا و بشكل تدريجي (تصاعدي من الأدنى إلى الأعلى و بشكل لولبي تراكمي) لتمكن صاحبها من التحكم في بعض الوضعيات و المواقف و المستجدات. لكن وعلى الرغم من أن الكفاية يمكن أن تشكل محطات نهائية لسلك دراسي أو لمرحلة تعليمية أو لدورة تدريبية كأن نقول مثلا ، سيكتسب المشرف المتدرب بعد انتهاء دورة تدريبية :" القدرة على توظيف الحاسوب في تنظيم خططه الإشرافية أو البحثية " ... فإن الكفاية لا تتوقف عن الاغتناء ، ذلك أن هذه القدرة على توظيف الحاسوب لغاية محددة ،على سبيل المثال، هي و إن شكلت هدفا نهائيا من أهداف دورة تدريبية ، فإنها لن تتوقف عن النمو لدى الفرد سواء خلال تكوينه أو خلال حياته المهنية . ومن هنا الطابع التراكمي الذي تشكله الكفايات مما يفسر اغتناء خبرات الفرد وتجاربه ونموه المهني بمرور الزمن و بالعمل المتواصل ، الأمر الذي يمنح التكوين المستمر والتعلم الذاتي معناهما العميق ويعطي للتنمية المهنية بعدها الحقيقي.
ثالثا :توظيف مدخل الكفايات في إعداد المشرفين :
عرفت برامج إعداد المعلمين العديد من التطورات، كان من أهمها اعتماد مدخل الكفايات بدلاً من اعتماد المعرفة كإطار مرجعي. أي اعتماد ما سيعرف "بالتدريس القائم على الكفايات"، (CBTE) Competency Based Teacher Education .
والتي أصبحت من أبرز ملامح التربية المعاصرة، خاصة لدى الجهات المسئولة عن تأهيل المعلمين ، والتي أصبح شغلها الشاغل إعداد معلمين أكفاء وتدريبهم وفق أحدث نظريات التعلم والتعليم. الأمر الذي جعل الكثير من المهتمين لا يتحدثون عن الكفايات إلا بربطها بالمعلمين.( الفتلاوي سهيلة و محسن كاظم ، 2003).
لقد كانت الكفايات في بادئ الأمر وبعد انتقالها من عالم المقاولات إلى عالم المدرسة ، تعرف بارتباطها بالمهارات والقدرات المرغوبة والمطلوبة لدى المعلمين.
لكننا سنلاحظ أن هذا الانشغال سرعان ما انتقل إلى أصناف أخرى من أطر التربية والتعليم وفي مقدمتهم المشرفين ، وهم أصلا من المعلمين. فازداد الاهتمام بتحديد كفايات المشرفين التربويين (الموجهين)؛ ولعل ذلك راجع في البداية إلى عدم وضوح مهامهم و وظائفهم، وتباين هذه المهام بين مشرف ومشرف وبين نظام ونظام. فالدراسات التي تناولت الموضوع كانت محدودة اعتمدت كلها على تصورات الباحثين التربويين أو على تحليلهم لنظام إشرافي معين ،أكثر من اعتمادها على مدخل متكامل أو إطار نظري فلسفي منسجم مع تكامل الاتجاهات المعاصرة في الإشراف، ولذلك جاء الحديث عن الكفايات في بادئ الأمر جزئيا ومبعثرا، ومرتبطا بوظائف محددة و بنظام تعليمي أو إشرافي محدد ، لم يستوعب المهام والأدوار المتغيرة للمشرف التربوي. (مرعي توفيق ،1983) .
و يمكن عرض بعض هذه الانشغالات فيما يلي:
1 - أجرى جيرالد Gerald سنة 1973 دراسة بهدف التعرف على الكفايات اللازمة للعمل الإشرافي. وحددت هذه الدراسات أهمية الكفايات الرئيسية التالية:
• كفايات تتعلق بإتقان التقنيات المختلفة للإشراف.
• كفايات تتعلق بالعلاقات الإنسانية السليمة.
• كفايات إدراكية (القدرة على تصور المشكلات التربوية).
واتفقت هذه الدراسة في نتائجها مع دراسة هاريس و كينغ سنة 1974 مع إضافة كفاية أخرى تتعلق بحل المشكلات.
2- و أجرى أكوما Akoma سنة 1977، دراسة بهدف وضع برنامج تدريبي للمشرفين التربويين العاملين في المرحلة الثانوية. أعد الباحث قائمة بخمس وخمسين كفاية فرعية وزعها على عينة عشوائية من 277 معلما ومديرا، اتفق المعلمون والمديرون على أهمية هذه الكفايات، وتم تصنيفها في المجالات السبعة التالية:
العلاقات الإنسانية والاتصال - تطوير المناهج - الملاحظة والتحليل - الإدارة - التقويم - التربية المستمرة. (عن ذوقان عبيدات ، 1987).
وفي مقابلة مع خمسة وعشرين مشرفا في مجال الإدارة العامة حول أفضلية الكفايات الفنية والإنسانية لعمل المشرف، أوضحت دراسة أكوما أهمية توفر الكفايات الفنية و الكفايات الإنسانية، لكنها أكدت على أن دراسة مقرر في العلاقات الإنسانية أكثر أهمية للمشرف من دراسة مقرر مرتبط بتقنيات العمل. لقد أفاد الباحث من هذه المجموعة حيث زودته بقوائم كفايات، غير أن هذه القوائم كانت مرتبطة بتصورات الباحثين للإشراف الفعال أكثر من ارتباطها بفلسفة إشرافية معينة أو نموذج إشرافي معين.
3- في المملكة المغربية وعلى الرغم من وجود مؤسسة خاصة بإعداد المشرفين التربويين ، وهي "المركز الوطني لتكوين المفتشين" والذي تم إنشاؤه بالرباط منذ أواخر السبعينات ، فكان له الفضل في إعداد نخبة من الكفاءات التربوية، نقول على الرغم من ذلك لم يتم تخطيط وتنظيم كفايات المشرف التربوي في لوائح وقوائم مضبوطة في السنين الأولى من إنشاء المركز ، وكان الحديث باستمرار وخاصة في الوثائق والمذكرات الرسمية ،عن اختصاصات ومهام المشرفين من مثل: - مهام التنشيط التربوي أو التكوين التربوي أو المراقبة التربوية...
لكن ذلك لم يمنع من حضور الكفايات واستهدافها ضمنيا أو بشكل صريح في مقررات ووحدات التكوين بهذا المركز. كما أصبحنا نلاحظ ازدياد الاهتمام لدى الباحثين المغاربة، بكفايات المشرف بشكل أكثر تنظيما وعنايتهم بوضع لوائح للكفايات المرغوبة لدى المشرف التربوي فوجدت صدى لدى بعض الباحثين من خريجي المركز ومن المؤطرين أنفسهم، من أمثال أحمد فريد درفوفي في كتابه عن "الإشراف التربوي". (الرباط، 1991) حيث يتحدث عن: المواصفات الأساسية للمشرف التربوي وعن أهم الكفايات المعرفية والتربوية لمدرس اللغة العربية و كفايات المشرف التربوي في مجال تطوير المناهج وغيرها من العناوين، بحيث يمكن من خلالها استشفاف ملامح نموذج لتصنيف كفايات المشرف التربوي سنعمل على استعراضه في الفقرات اللاحقة .
كما نجد لدى الجيلالي الدباجي ( 1992)، أستاذ علم النفس بمركز تكوين المفتشين بالرباط، مقترحا بتصنيف كفايات المشرف ، يبنيه على تجميع وتحليل نتائج العديد من البحوث الميدانية التي أنجزت بالمركز. و يصنف الدباجي كفايات الإشراف التربوي إلى أربعة أصناف (كفايات رئيسة) وهي : - كفايات علمية/ معرفية– كفايات مهنية /تربوية – كفايات مهنية/ إدارية – كفايات اجتماعية /وجدانية.
4 - في سلطنة عمان شهد قطاع التعليم تطورات مهمة في مجال الإشراف التربوي منذ بداية السبعينات وحتى نهاية الألفية الثانية،بدأت بصدور الهيكل التنظيمي الجديد لوزارة التربية والتعليم في عام ( 1996 ) والذي شمل إحداث تغيير في مسمى دائرة الخدمات التعليمية بالمديريات العامة للتربية والتعليم بالمناطق التعليمية لتصبح دائرة الإشراف التربوي. وبعدها تم استحداث دائرة الإشراف التربوي بالمديرية العامة للتعليم بموجب القرار الوزاري رقم 64 / 2003 م، بهدف الرقي بالإشراف التربوي في مختلف المواد التعليمية، ولتضطلع بالمهام الآتية:
1- تنظيم العملية الإشرافية في المناطق التعليمية.
2- ممارسة الإشراف التربوي على العملية التعليمة في كافة مدارس التعليم العام والخاص من خلال المشرفين الأوائل والمشرفين.
3- متابعة سلامة تطبيق المناهج وجودتها، وإعداد كل ما يلزم لرفع مستويات الطلاب.
4- تقديم الدعم الفني والمهني للمشرفين لمساعدتهم في أداء مهامهم.
5- الإشراف على وضع خطط أداء المعلمين والمشرفين وتقديم التغذية الراجعة حيالها.
6- متابعة المستجدات التربوية وإطلاع المشرفين عليها.
7- تحديد الاحتياجات التدريبية للمعلمين والمشرفين والمشاركة في إقامة المشاغل التدريبية وورش العمل اللازمة للإنماء المهني عند المشرفين والمعلمين.
و يتكون الإشراف التربوي الحالي في السلطنة ، من عدة مستويات إشرافية متدرجة ومترابطة تتضافر جميعها من أجل الوصول إلى نظام إشرافي يحقق الأهداف المنشودة، وقد حدد هذا التنظيم علاقات كل مستوى بالمستوى السابق واللاحق له ، وهي :
المشرف العام ( دائرة الإشراف التربوي)
المشرف الأول ( المنطقة التعليمية )
المشرف ( مشرف مجال و مشرف مادة ) .
ويحدد دليل الإشراف التربوي والذي أعدته دائرة الإشراف التربوي بالمديرية العامة للتعليم بوزارة التربية والتعليم،( مسقط ،2005)، لكل مستوى من هذه المستويات ، كفاياته الخاصة .
* * *
كما يحدد " دليل الإشراف التربوي" ، عددا من الخصائص التي يمكن اعتبارها أسسا لاشتقاق كفايات المشرف ، ويمكن اختصارها فيما يلي:
الإشراف التربوي
عملية تعاونية، فنية ،شورية، قيادية ،إنسانية ،علمية، مرنة، إبداعية، شاملة.
غايتها تقويم العملية التعليمية وتطويرها.
إنه عملية تعاونية؛ لأنه يقوم على التعاون بين أطراف العملية التربوية من حيث التخطيط والتنفيذ والتقويم،
وإنه عملية فنية؛ لأنه يهدف إلى تحسين التعلم من خلال رعاية النمو المستمر لكل من الطالب والمعلم والمشرف التربوي،
وهو عملية شورية ( ديمقراطية )؛ لأنه يقوم على احترام رأي كل من المعلمين والطلاب وكل من له علاقة بالعملية التعلمية التعليمية.
وهو عملية قيادية؛ لأنه قادر على التأثير في المعلمين، والطلاب وغيرهم.
وهو عملية إنسانية؛ لأنه يعترف بقيمة الفرد بصفته كائنا مكرما لديه طاقات كبيرة لابد من استغلالها وتنميتها بروح من المحبة والثقة المتبادلة،
وهو عملية علمية؛ لان أهدافه واضحة وقابلة للقياس، ويعتمد على البحث والتجريب وتوظيف النتائج في تحسين التعلم،
وهو عملية مرنة متطورة؛ لأنه لا يعتمد أسلوبا واحدا، وإنما يعتمد أساليب متنوعة لتحقيق الأهداف المتوخاة،
وهو عملية إبداعية؛ يفتح مجال الابتكار لأنماط جديدة من الإشراف وتطبيقها واختبارها. وأخيرا، فان الإشراف عملية شاملة لأنه يعني بجميع العوامل المؤثرة في تحسين العملية التعليمية وتطويرها ضمن الإطار العام لأهداف التربية والتعليم.
وهناك أسس أخرى ،ينبغي أن يقوم عليها الإشراف التربوي حسب هذا الدليل من بينها ما يلي :
1ـ التعاون الإيجابي . 2ـ المنهجية العلمية في التفكير.
3ـ التجريب العلمي. 4 ـ التفكير الجماعي.
5 ـ المرونة وملاءمة الظروف المتغيرة . 6ـ استشراف المستقبل .
7ـ التواصل والاستمرارية. 8ـ الشمولية .
9ـ النقد والنقد الذاتي .
رابعا:نموذج الإشراف بالكفايات
ملاحظات تمهيدية :
نقدم فيما يلي وقبل استعراض الملامح العامة لنموذجنا المقترح ،بعض الملاحظات التي استخلصناها من قراءة بعض "النماذج" السائدة في عالمنا العربي، نختصرها في النقاط التالية:
1- نلاحظ عدم اتفاق النماذج بشكل عام ،حول تعريف الكفايات ، حيث يعرفها "دليل دائرة الإشراف التربوي "( عمان 2005) على سبيل المثال، بكونها "مجموعة الأدوات الوظيفية التي يقوم بها المشرف خلال تأديته لأدواره المتعددة "، ويقترح تصنيفها ( الكفايات) حسب المهمات المرتبطة بها، وبالتالي تمييز واضح بين الكفايات وبين المهمات.
في حين يتبنى ذوقان عبيدات(الأردن 1971) والذي يعتبر بحق من الرواد الأوائل في الاهتمام بتنظيم وتصنيف كفايات المشرف التربوي في الوطن العربي ، التعريف التالي : " الكفاية هي القدرة على أداء المهام الموكولة إلى المعلم بمستوى معين من الإتقان يضمن تحقيق النتاجات المطلوبة في سلوك المتعلمين"،وهنا شبه تطابق بين الكفايات والمهمات.
أما بالنسبة للدرفوفي ( المغرب1991) و الزري( الإمارات 2000) فإننا لم نتمكن من استخلاص تعريف واضح للكفايات في مؤلفيهما ، حيث يسود نوع من التشويش المفاهيمي و الباراديكمي( النموذجاتي) الواضح لديهما.
- ذلك ما لاحظناه بصفة عامة على معظم التصنيفات، فبالرغم من محاولة بعضها تعريف الكفايات بشكل سريع وربما بشكل سطحي ،نلمس عدم وضوح المفهوم وسيادة نوع من الضبابية والاضطراب في استعمال مفهوم الكفاية وأخواتها ( القدرة ، المهارة ...) المرتبطة بشكل عام بالتعليم و بمجال الإشراف التربوي :
و الأمثلة على هذا كثيرة ، تتجلى في الخلط بين :
- مؤهلات وسمات الشخصية و مواصفات الخريج و كفاياته...؛
- عدم التمييز بوضوح بين القدرات و الإمكانيات والمهارات و الإجراءات وبينها وبين الكفايات؛
فهل يمكن على سبيل المثال ، اعتبار العبارات التالية كفايات ؟
- " امتلاك المراجع ذات الصلة بمادة التخصص".
- "التوفر على المراجع التربوية ذات العلاقة بخصائص مراحل النمو و مدخلات العملية التربوية ، و تصميم الخبرات التعليمية وتنفيذها وتقويمها ".
-" تزويد المعلم بالمراجع التربوية والتعليمية ذات الصلة بالمادة ".
ـ" أن يكون حاصلا على درجة أو شهادة كذا في التخصص كذا "
- أن يمتلك خبرة كذا سنوات كمشرف تربوي أول (..)".
2- والحقيقة أن السبب الأساس في الاضطراب المفاهيمي ، هو غياب إطار نظري مرجعي واضح المعالم وغياب النظرة الشمولية في التعامل مع مهام المشرف التربوي وغياب معايير لتحديد أدواره و ترتيب مواصفاته وغياب فلسفة تربوية عامة أو منظور متماسك تنتظم وفقه الأبحاث والفرضيات والمفاهيم بشكل متناغم حول ما يسود هذا المجال. إن التوجه في معظم المصنفات ،لا يكون نتيجة تفكير واع ومنظم وعمل أصيل للتوليف بين النماذج والخروج بمقترح تركيبي موحد، بل هو نتيجة الهرولة وراء المستجدات دون فهمها و إدراك مغازيها والكشف عن خلفياتها و أبعادها.
وما يلاحظ عموما ، على معظم الدراسات المهتمة بالموضوع ، أنها تعتمد مصادر جزئية فلا تقدر بالتالي على الإحاطة بشكل شمولي بمواصفات المشرف ومهامه وأدواره، ومن هنا أهمية بل ضرورة وضع واشتقاق مصنف بكفايات المشرف التربوي باعتماد المصادر المتعددة والتي تتمثل فيما يلي :
- غايات التربية(فلسفة التربية)،- الطلب الاجتماعي/ المهني ، - احتياجات التعليم والتدريب( انظر المخطط أدناه بأهم مكونات نموذج الإشراف بالكفايات ).
كما تتمثل تلك المصادر في: - فلسفة الإشراف التربوي المعاصرة؛- تحليل للدراسات التي تناولت الإشراف؛- تحليل لمهام ووظائف المشرف التربوي؛ - مراجعة القوائم التي أعدها باحثون سابقون.
كما ينبغي أن تعتمد كأساس لاشتقاق كفايات المشرف التربوي ، المصادر التالية:
- دراسة تحليلية نقدية لنماذج الاتجاهات الإشرافية المعاصرة والتي تتمثل في: نموذج الإشراف الإكلينيكي والإشراف الدافعي والإشراف العلمي والإشراف الإرشادي والإشراف كعملية تفاعل بين شخصية ...
- مقابلة واستفتاء عدد من المشرفين التربويين والمعلمين لمعرفة الاحتياجات و الاولويات والصعوبات... في مجال التعليم وفي مجال الإشراف (كاحتياجات المعلمين من التكوين والتكوين المستمر، على سبيل المثال ) .
- دراسات ميدانية للأعمال والوظائف التي يقوم بها المشرفون التربويون في واقع الممارسة .
3- كما سجلنا على النماذج السائدة ، عدم تعرضها لبعض الكفايات الضرورية للمشرف التربوي في وقتنا الراهن . وهكذا لاحظنا في مختلف التصنيفات التي اطلعنا عليها، غياب الحديث عن الكفايات التكنولوجية من مثل :
- التمكن من توظيف تكنولوجيا المعلوميات في مهمات الإشراف التربوي.
- القدرة على تصور ورسم وإبداع المنتجات التقنية؛
- التمكن من مهارات العمل اللازمة لتطوير تلك المنتجات وتكييفها مع الاحتياجات الجديدة في مجال الإشراف التربوي .
كما سجلنا ، كلما تعلق الأمر بكفايات التقويم والتي لاحظنا حضورها في جميع اللوائح ، غياب الحديث عن كفايات اختيار وضبط معايير مراقبة الجودة في التدريس وفي المؤسسات التعليمية .
كما لاحظنا على بعض النماذج غياب الكفايات البحثية، مثلما هو الأمر في نموذج عبيدات، في حين يوليه درفوفي عناية خاصة ويضعه في قمة الترتيب ، كما أن الكفايات الإدارية وإن حضرت في كل التصنيفات إلا أنها لا تستعمل بمعنى واحد فتتفرع بالتالي من مصنف إلى آخر، إلى كفايات مختلفة .
مخطط بأهم مكونات نموذج الإشراف بالكفايات
- خلفيات النموذج :
وقبل تفصيل الحديث عن قائمة الكفايات الرئيسة والفرعية حسب نموذجنا المقترح،لابد من التذكير بأسس هذا النموذج وخلفياته النظرية ، والتي تنبني على ما نسميه بالإشراف بالكفايات ، فضلا عن اعتماده على نتائج دراسة الاتجاهات الإشرافية المعاصرة بمختلف تياراتها وتحليل أسسها و منطلقاتها مما قد يساعدنا على بلورة سمات عامة لعملية الإشراف التربوي.
وفيما يلي عرض موجز لهذه السمات ، والتي يمكن أن تشكل في نفس الآن الخلفية النظرية لهذا النموذج :
1- الإشراف عملية تواصل وتفاعل.
يعتبر الاتصال أكثر وظائف المشرف أهمية وذلك لأن جميع وظائفه الأخرى كالتخطيط والتنسيق والتقويم والتوجيه تعتمد إيجابا أو سلبا على طبيعة عملية الاتصال وأسلوبها، حيث توضح هذه العملية مدى فهم المشرف التربوي لنفسه وللأطراف التي يتعامل معها.
وإن تحسين هذه العملية يتطلب أن يكون المشرف قادرا على نقل رسالته بوضوح، وأن يحدد ويمارس بإتقان مهارات التخطيط والاتصال وتوقيته وتحديد مكانه وأسلوبه. (الزري حميد ناصر ،2000)
و الإشراف التربوي الفعال يستخدم الاتصال المفتوح، ذلك لأن هذا الاتصال طريق لتعديل اتجاهات المعلمين نحو عملية الإشراف وتنمية سلوك سليم وإيجابي نحو المهنة.
2- الإشراف قيادة تربوية
القيادة هي مهمة تنشأ من خلال الممارسة والعمل، وهذا يعني أن المشرف التربوي لا يملك حق القيادة بمجرد حصوله على وظيفته في الإشراف بل يصبح كذلك إذا مارس مهامه بطريقة فاعلة يكتسب من خلالها ثقة المعلمين وتأييدهم، وتمكنه من إنجاز مهام جديدة تتسم بالابتكار.
ويتحدث بعض المختصين (Kimball wiles 2005 ) عن أدوار قيادية لا أنماط قيادية، باعتبار أن القيادة مجموعة أدوار وليست أنماطا ثابتة، وهذه الأدوار هي:
يوجه ويرشد – يقدم أفكارا- يقيس ويفحص- يقدم المشورة- يتفاعل.
3-الإشراف عملية تكوين ومساعدة المعلمين على النمو.
إن تطوير عملية الإشراف يتطلب أن ينتقل المشرف التربوي من الاهتمام بمعالجة بعض جوانب الموقف التعليمي كما يراها من خلال زياراته العملية للمعلم،إلى ممارسة مهام تتعلق بإثارة نمو المعلم وتخطيط برامج تنميته، فعملية الإشراف تتعلق بتنمية العاملين ليكونوا في وضع أفضل لممارسة أعمالهم.
وهذه المهمة تتطلب تفاعل المشرف واندماجه في عمق العملية التعليمية.
4- الإشراف عملية بحث و تطوير وتغيير.
البحث التربوي مهمة أساسية ضمن مهام المشرف التربوي. فعلى المستوى المركزي، يقوم المشرفون بدراسات وبحوث تربوية واقتراح مشاريع تتعلق بمختلف مكونات المنهاج ، وكذلك الشأن بالنسبة للمشرفين الملحقين بالمناطق التعليمية بمختلف الولايات .
كما ترتبط مهمة المشرف في تطوير العملية التعليمية بقدرته على المساهمة في إحداث التغيير المطلوب، وإحداث التغيير ليس هدفا للمشرف بل مهمة يسعى من خلالها إلى دفع المعلمين لإحداث التغيير، فالمشرف التربوي لا يفرض التغيير ولا يمتلك سلطة إدارية كافية لفرضه على المعلمين بل يساهم في جعلهم يلتزمون التزاما ذاتيا بالتفاعل مع المستجدات ، خاصة وأن بعض المعلمين يشعرون بأن التغيير يخلق ظروفا جديدة تهدد شعورهم بالأمن من خلال تكيفهم مع أساليب عمل مألوفة.
5- الإشراف عملية تقويم.
يعتبر التقويم وسيلة فعالة تمكن المشرف من التخطيط لوضع برنامج في العمل مع المعلمين وهذا يتطلب أن يمارس هذه المهمة في تقويم عملية التعلم بكافة أبعادها، وتحليل عواملها بدلا من الاقتصار على تقويم المعلم و إصدار الأحكام ،والتي غالبا ما تسبب المتاعب في عملية الاتصال بين المشرف والمعلم.
* * *
يتبين مما سبق أن الإشراف التربوي المبني على الكفايات يمارس مهام متعددة في إقامة اتصال إيجابي مع المعلمين، وإثارة دافعيتهم، وتشجيعهم على النمو المهني و تهيئ الظروف المناسبة لإحداث التغير اللازم لتطوير العملية التعليمية –التعلمية، من خلال استخدام سلطة التأثير الشخصي،التي تقوم على النزاهة والصراحة والثقة بدلا من سلطة الأنظمة والقوانين الرسمية ومن خلال توظيف ما اكتسبه المشرف من كفايات والتي ترتبط عضويا بتلك المهام .
لكن وعلى الرغم من الاختلافات التي يمكن أن تميز نموذجنا عن النماذج السائدة، فإننا حاولنا بجهد تركيبي استخلاص أهم ما فيها من عناصر و أبعاد ، والتي تشترك بصفة عامة، في الحديث عن خمسة أبعاد من كفايات/ مهمات المشرف التربوي
( الموجه) وهي:
- البعد الأكاديمي- المعرفي:ويضم الكفايات المعرفية الأكاديمية اللازمة لتمكينه من تدريس مادة ما بفاعلية واقتدار، مثل الإلمام بمادة التخصص، امتلاك مهارات التقصي والاكتشاف العلمي و الإطلاع على كل جديد...
- البعد التربوي- المهني:والذي يقترب بالقدرة على استخدام المفاهيم والاتجاهات وأنواع السلوك الأدائي بإتقان لتحقيق الأهداف التربوية من مثل: تحليل محتوى المادة، تحليل خصائص المتعلم، صياغة أهداف التدريس، تحديد طرائق التدريس والتقويم ، المشاركة في وضع البرامج ...
- البعد الفني – المهني : وذلك من خلال امتلاك قدرات ومهارات فنية وخاصة تقنيات الإشراف من مثل القدرة على توظيف أساليب ووسائل الملاحظة والتنشيط والتكوين والمتابعة...
- البعد الإداري – التنظيمي : ويضم كفايات التخطيط والتنظيم والتدبير الإداري والتنسيق بين المعلمين و الإدارة ...
- بعد التفاعل والعلاقات الإنسانية ويضم الكفايات الوجدانية والاجتماعية من مثل التعاون، وإقامة علاقات مع المتعلمين قائمة على الاحترام المتبادل وتشجيع المشاركة ...( الفتلاوي سهيلة و محسن كاظم، 2003).
قائمة المهام و الكفايات الرئيسة في النموذج :
نقدم فيما يلي قائمة بالكفايات الرئيسة التي نقترح تضمينها في نموذجنا الذي أسميناه "نموذج الإشراف بالكفايات " ،هذه القائمة التي نعتقد أنها ستساعد في تنظيم مهنة الإشراف التربوي ( التوجيه التربوي) في جميع جوانبها وخاصة الجوانب التربوية في ارتباطها بمهام وأدوار الإشراف التربوي وتقنياته ، والتي يشخصها الشكل التالي:
مخطط تركيبي بأهم كفايات/مهام المشرف التربوي
حسب نموذج الإشراف بالكفايات
1- الكفايات العلمية – المعرفية والتكنولوجية:
من المتوقع أن يكون لدى المشرف التربوي معرفة وافية ما يلي :
- التكوين الجيد في مادة التخصص ؛
- إلمام بشكل عام بالمواد الأخرى ( محاور أو مجالات أو فروع معرفية) خاصة ما ارتبط منها بمادة التخصص في إطار النظرة الكلية والشمولية للمقررات و للمناهج .
- الإلمام بمستجدات علوم التربية ؛
- المعرفة المتعمقة بالطرق المختلفة للتدريس ، والتقنيات التربوية ومتابعة كل جديد في المادة التخصصية وفي المجال التربوي عموما .
- المعرفة بأصول كتابة التقارير والبحوث والدراسات .
أما الكفايات التكنولوجية فنخص بالذكر منها:
- التمكن من توظيف تكنولوجيا المعلوميات في مهمات الإشراف التربوي.
- القدرة على تصور ورسم وإبداع وإنتاج المنتجات التقنية؛
- التمكن من مهارات العمل اللازمة لتطوير تلك المنتجات وتكييفها مع الاحتياجات الجديدة في مجال الإشراف التربوي .
2- الكفايات التعليمية : من مثل أن تكون لدى المشرف التربوي وباعتباره خبر مهنة التدريس أولا ، القدرة على :
- التهيئة الحافزة : أي القدرة على تهيئة بيئة مادية ونفسية تحفز الطلبة على التعلم واختيار التعلم القبلي الذي يتوقف عليه تحقيق التعلم الجديد لوصل الخبرات السابقة به .
- إثارة الدافعية التي تنبع من الطالب نفسه .
- تنظيم الخبرات التعليمية وتنفيذها بشكل متواصل لا يسمح بانشغال الطلاب عن الدرس.
- استخدام الكتاب المدرسي بشكل فاعل قراءة وكتابة لما هو ضروري منه ، وتوضيحا لمصطلحاته وأشكاله.
- إعداد الأسئلة بأنواعها المختلفة وتوجيهها وتصويبها حسب الأصول .
- استخدام الوسائل التعليمية بشكل جيد في الوقت المناسب .
- إدارة الصف بشكل يتمثل فيه تقبل الطلاب ، وتقدير شخصياتهم ، وحسن استخدام أساليب الثواب والعقاب .
- التقويم التكويني المستمر طوال الحصة ، والتقويم الختامي في نهاية الحصة .
3- كفايات البحث :
البحث التربوي مهمة أساسية ضمن المهام المنوطة بالمشرف التربوي. فعلى المستوى المركزي، يقوم المشرفون بدراسات وبحوث تربوية خاصة البحوث الإجرائية ،واقتراح مشاريع تتعلق بمختلف مكونات المنهاج المدرسي، وكذلك الشأن بالنسبة للمشرفين الملحقين بالمناطق الجهوية ( أي مديريات التعليم ) ، لذلك فهم مطالبون بالتمكن من الكفايات البحثية من مثل :
- الإلمام بقضايا البحث التربوي ؛ - الإلمام بتقنيات البحث التربوي واستعمالها؛
- دقة الملاحظة ؛ - القدرة على تحسس المشاكل التربوية وتحديد أبعادها (...).
4 - كفايات التطوير( التكوين والتدريب والتنمية المهنية ):
و يكتسي التكوين أثناء الخدمة كما هو معلوم،باعتباره خطة تطورية إنمائية مستمرة، أهمية بالغة، نظرا للتطور السريع في كل جوانب المعرفة، وحاجة المدرس إلى النمو المستمر لمسايرة هذا التطور.
إن الممارسة الإشرافية تقتضي من المشرف التربوي ، السهر على تأطير المدرسين التابعين لمقاطعته، من خلال العمل على إطلاعهم على ما جد في المجال التربوي، وعلى المستجدات التي يعرفها البحث العلمي الأكاديمي في حقل تخصصهم، عن طريق تنظيم ندوات وحلقات دراسية ترتبط بالمقررات والطرائق وكيفية استثمار الوسائل أو المعينات التربوية، وأيضا مساعدتهم على كيفية اختيار الأهداف وصياغتها و إخضاعها للتقويم.
وبصفة عامة، يستهدف التكوين أثناء الخدمة كمهمة إشرافية، التدريب بقصد التأهيل ورفع الكفاءة، وتعديل السلوك والاتجاهات، وتنمية القدرة على الابتكار، وتعميق الأسس التربوية أو النفسية والاجتماعية والمهارات العملية التي تلقاها المدرسون في مختلف مراكز التكوين.
و لأجل قيام المشرف التربوي بمهمته التكوينية والتطويرية للمدرسين، فإنه ينبغي أن يتمتع بمجموعة من الكفايات، من بينها على الخصوص:
- إثارة دوافع النمو المستمر لدى المدرسين،
- تنمية مهارات التعلم الموجه ذاتيا ،
- تنويع أساليب المتابعة الفردية والجماعية، "في إطار مراعاة الأخذ بيد المدرسين الجدد وتعميق خبرة القدامى والإلمام بما تحبل به الساحة الثقافية والعملية من تراكم معرفي ومستجدات".
كما يقتضي التطوير اكتساب كفايات خاصة بالمشاركة في تطوير المناهج وما تتضمنه من قدرات من مثل تحليل المناهج التعليمية واشتقاق الأهداف التربوية والمساهمة في عمليات بناء المناهج وتأليف الكتب المدرسية...
و تتلخص الكفايات التدريبية التي يجب أن تتوافر للمشرف التربوي ، فيما يلي :
- تحديد الاحتياجات التدريبية للمعلمين الأوائل والمعلمين.
- القدرة على الإشراف على الدورات التدريبية القصيرة والطويلة والمشاغل فنيا وإداريا .
- القدرة على قيادة ندوة تدريبية أو محاضرة و تنفيذ البرامج التدريبية.
- القدرة على تحديد الموضوعات والمواد التدريبية و إعداد المادة المرجعية للدورات التدريبية في مجال تخصصه وفي المجال التربوي عامة .
- تحديد الطرق والأساليب التدريبية الملائمة في التدريب.
- القدرة على تقويم نتائج الدورات التدريبية بأساليب متنوعة و متابعة أثر البرامج التدريبية في الحقل التربوي.
- القدرة على وضع برامج تدريبية مستحدثة للمعلمين حديثي العهد بالعمل.
- دعم المعلم حديث العهد بالمهنة وإعطاؤه الثقة بنفسه لما لها من أهمية في بداية العمل ، ومن ثم في استمراره بنجاح فيه .
5 – كفايات التخطيط :
إن أي عمل يبدأ بفكرة في الذهن ثم تتبلور وتجمع لها المعلومات والبيانات ويخطط لتنفيذها و إحكام خطة الإشراف تقتضي وضع ما يلي في الاعتبار :
- امتلاك كفاية التخطيط للموقف التعليمي بجميع عناصره.
- القدرة على اشتقاق الأهداف وأساليب التقويم للموقف التعليمي.
- تحديد الأساليب والأنشطة التعليمية الملائمة وتنظيمها واختبارها.
-اختيار الوسائل والأدوات التقويمية وتحديدها للحكم على مدى تحقق الأهداف.
- مراعاة الظروف و الإمكانيات ، ويعمل حسابا لكل ما يجد من تطورات .
- الاستفادة من كل الخبرات والتجارب المماثلة.
- ربط مراحل العمل بعضها ببعض بحيث ترتكز كل مرحلة على التي سبقتها .
إضافة إلى :
- توخي البساطة والوضوح ومراعاة التخطيط لعنصر المرونة لغرض إجراء التعديلات اللازمة على الخطط.
- التخطيط لأجل التخطيط تجنبا للعشوائية والتخبط .
- القدرة على وضع خطة سنوية للعمل المتوقع من الموجه طوال العام وفق حاجات الطلاب والمعلمين وجميع جوانب العملية التربوية، وفي ضوء إمكانيات البيئة المحلية ، وتشمل الخطة السنوية :
- بيانات وافية عن المدارس - بيانات وافية عن المعلمين - بيانات عن إمكانية البيئة المحلية وإمكانية التأثير والتأثر بها والإفادة مما يتوافر فيها .
- الأهداف المتوقع تحقيقها على مدى العام الدراسي بصياغة سلوكية قابلة للقياس والتقويم .
- الأساليب والإجراءات التنفيذية والأنشطة والوسائل التي تحقق الأهداف .
- البعد الزمني لتنفيذ الأهداف .
- الصعوبات المتوقعة والحلول المقترحة البديلة لمواجهة هذه الصعوبات .
- القدرة على مساعدة المعلمين على :
- وضع الخطة اليومية للدروس وفق النموذج المعتمد .
- وضع خطط الأنشطة الخاصة بالمادة مع مراعاة الانسجام مع خطط الأنشطة للمواد الأخرى .
- القدرة على مساعدة مدير المدرسة في وضع خطط الأنشطة المتنوعة ، وفي توزيع جداول المعلمين .
- القدرة على التخطيط للدورات التدريبية القصيرة والطويلة.
- و ترتبط بكفايات التخطيط كفايات متعلقة بتخطيط المنهاج من أهمها:
ينبغي للمشرف أن يكون قادرا على :
- اشتقاق الأهداف.
- تحليل محتوى المناهج التعليمية في ضوء أهدافها ومعايير المحتوى الجيد.
- تخطيط لتنفيذ ذلك المحتوى بعد تحليله وتحديد أساليب وطرق التدريس
المتضمنة في المنهاج.
- تحليل أساليب التقويم المتضمنة في المنهاج في ضوء تقويم جيد.
- إثراء المنهاج وتطويره وتضمينه أحدث المعلومات في مجال التخصص.
6- كفايات التنشيط التربوي والابتكار والتجديد :
يقوم المشرفون التربويون بدور أساسي في تنشيط العمل التربوي داخل المؤسسات التعليمية، من خلال إرشاد الأساتذة ومساعدتهم وتشجيعهم على الابتكار... وأما الوسائل المعتمدة في هذا المجال، فتتمثل في إمكانية توظيف مختلف تقنيات الإشراف التربوي واستثمارها استثمارا، من شأنه أن يساعد على التأقلم وتعميم المعرفة والخبرات، بحيث أن المشرف يمكن له أن يحقق التنشيط المنشود، من خلال تنظيم الدروس التجريبية والندوات التربوية و ورشات العمل و اللقاءات الفردية والجماعية...( درفوفي أحمد فريد 1991 ).
غير أن التنشيط الذي يروم التجديد والتطوير يقتضي توافر المشرف على مجموعة من المواصفات، تتمثل في امتلاك بعض الكفايات الأساسية، ككفايات الاتصال والتفاعل، و كفايات العمل مع الجماعات، وكفاية التوجيه والإرشاد، وكفاية العلاقات الإنسانية، والقدرة على البحث التربوي، وأن يكون ملما بتقنيات التنشيط،وقادرا على إدارة الندوات الإعلامية و التدريبية ؛و على إنجاز الدروس التجريبية،و تنظيم اجتماعات تربوية.
كما تشمل الكفايات الابتكارية و التجديدية ما يلي :
- القدرة على التنبؤ بأحداث مستقبلية اعتمادا على معطيات راهنة .
- القدرة على توليد أفكار أو حلول جديدة للمشكلات التي يواجهها انطلاقا من مواقف محدده يفرضها الوضع الراهن .
- القدرة على تصميم برامج لتنمية مهارات التفكير الإبتكاري لدى الطلبة والمعلمين ، وعلى رعاية المبتكرين والموهوبين.
- - طرح موضوعات جديدة على نحو يثير التساؤل والتفكير الإبتكاري .
- تنمية قدرات الطلبة على حل المشكلات الواقعية التي تعترضهم بأسلوب علمي من خلال التأكيد على عوامل التفكير الإبتكاري .
7 – كفايات التنظيم والتنسيق و تسيير الإدارة التربوية.
أصبحت الإدارة التربوية "عملية إنسانية، تهدف إلى توفير الوسائل، و الإمكانيات وتهيئة جميع الظروف التي تساعد على تحقيق الأهداف التربوية والاجتماعية، التي أنشئت المدرسة من أجلها". وإذا كان غرض الإدارة التربوية الأساسي هو التنظيم بغية تسيير الممارسات التدريسية، فإن هدف الإشراف التربوي هو إحداث تحسين مستمر في العملية التربوية، غير أن الكثير من نواحي النشاط في الإدارة التعليمية يتصل اتصالا وثيقا بعملية الإشراف، على اعتبار كون المشرف صلة وصل بين السلطة التربوية وهيئة التدريس التي تنفذ.( وزارة التربية والتعليم ، 2005 " دليل الإشراف التربوي " ، دائرة الإشراف التربوي ، مسقط ).
وفي إطار علاقة المشرف بالإدارة التربوية تسند له مهام متعددة ، من أهمها :
أ – الاطمئنان على اكتمال نصاب المؤسسات التعليمية من المعلمين والأساتذة.
ب – التأكد من حسن توزيع المعلمين والأساتذة حسب التخصص، بما يخدم كل أطراف العملية التعليمية والتربوية، وخاصة التعلم.
ج – القيام بدور الوساطة والتنسيق بين مختلف المدارس الخاضعة لإشرافه، حيث ينقل التجربة الناجحة من مؤسسة تعليمية إلى أخرى.
د – التأكد من قيام المدير والمرشد بأدوارهما التربوية والإدارية.
وكذلك نجد المشرف ملزما بالسهر على بعض التنظيمات الإدارية المرتبطة بالوثائق والملفات والتقارير والمحاضر.
لذلك ينبغي أن يكتسب المشرف التربوي كفايات إدارية ممثلة في العمل على:
- "إثارة دوافع المعلمين للعمل برغبة ذاتية و رضا وتهيئة ظروف عمل وأبعاد حالات التذمر والإحباط، واستخدام سلوك موضوعي في تقديم الحوافز إلى المعلمين، والمساهمة في تطوير الأهداف المهنية والشخصية للمعلمين بحيث يبدو المعلم أكثر رغبة في تطوير أعماله"
- فضلا عن الإحاطة بالقوانين و التشريعات الإدارية ؛ و- الالتزام باحترام وتطبيق التعليمات الإدارية (...) وغيرها من الكفاءات المهنية –الإدارية. (Kimball wiles 2005 ) .
كما ينبغي أن يمتلك في المجالات التنظيمية و التنسيقية الكفايات التالية :
- القدرة على تنظيم الأعمال و المناشط وكافة الفعاليات التي يقوم بها بشكل يتحقق فيه التناغم وعدم التعارض بين عمل وآخر وعدم الهدر في الطاقة والوقت والمال .
- القدرة على تنظيم الأعمال وتنسيقها مع الموجهين الآخرين في التخصص ذاته، وفي التخصصات الأخرى من أجل تعميم الاستفادة والابتعاد عن التكرار .
- القدرة على توزيع المهام والأعمال على المعلمين شريطة مراعاة العدالة والموضوعية والتواؤم مع القدرات المختلفة لهم في ضوء الفروق الفردية بينهم .
- القدرة على التنسيق بين متطلبات المعلمين والمدارس وبين المنطقة التعليمية والمجتمع المحلي والوزارة.
8 ـ كفايات التواصل المهني والعلاقات الإنسانية :
تفرض مهام المشرف التربوي ، أن يكون على تواصل متعدد الاتجاهات مع جميع أطراف العملية التربوية؛ فالعلاقة الطيبة بين المشرف التربوي والمعلم من شأنها أن تهيئ المناخ الملائم لعمل المعلم، لكن لا ينبغي أن تكون العلاقة الطيبة بينهما قائمة على حساب الواجبات المطلوبة. ( وزارة التربية والتعليم : " دليل الإشراف التربوي"،2005، مسقط).
وتتضمن هذه الكفاية القدرات الآتية :
- إقامة علاقات إنسانية طيبة مع المعلمين والمجتمع المدرسي بمختلف عناصره والمجتمع المحلي بمؤسساته .
- القدرة على مساعدة المعلمين والعاملين في التربية على التواصل مع كل عناصر العملية التعليمية ولاسيما الطلاب .
- احترام الآخرين وتقبل أرائهم .
- التحلي بالأخلاق الرفيعة ليكون قدوة لمن يتعامل معهم.
- المساواة بين جميع من يتعامل معهم.
- الحرص والمواظبة والإتقان في العمل.
- توفير أجواء المحبة والمودة.
- تشجيع المعلمين وتحفيزهم على الإبداع والابتكار والتفكير.
- القدرة على تلمس مشكلات المعلمين واحتياجاتهم احترام خصوصياتهم و العمل بروح الفريق .
9 – كفايات التقويم والمتابعة.
إذا كان التقويم عملية منظمة لجمع المعلومات و الحكم على قيمة الشيء وفعاليته باعتماد معايير محددة، بغية فحص درجة المطابقة بينها وبين تلك المعلومات، و اتخاذ القرار المناسب، فإن "التقويم – من المنظور الإشرافي – هو الجهود المنظمة، التي تبذل للتأكد من مدى النجاح في تحقيق الأهداف، التي حددها برنامج الإشراف".
كما أن" التقويم الإشرافي" عملية شاملة وهادفة، تتضمن القياس والتشخيص وإصدار الأحكام، للوصول إلى اقتراح العلاج المناسب لتصحيح مسار العملية التربوية وتحسين نتائجها. (الزري حميد ناصر ،2000).
إن أهمية الدور التقويمي بالنسبة للمشرف ، تعزى إلى عوامل متعددة، في مقدمتها، كون "التطوير التربوي يعتمد اعتمادا كبيرا على التقويم، فهو يبدأ بالتقويم لتحليل الواقع وتحديد مشكلاته، ويستخدم التقويم لاختبار صحة الفروض التي يقوم عليها التحديث والتجديد، وينتهي بالتقويم لتحديد مدى النجاح، تمهيدا لحل المشكلات، والتغلب على العقبات" و تحديد المدى الذي بلغته الأهداف ( المعايير).
من أهم الكفايات التقويمية والتي نعتبرها في هذا النموذج ،عوامل نجاح المشرف التربوي، الكفايات التالية :
- أن يكون مدركا لعملية التقويم الموضوعي ، وذلك بأن يبتعد عن النظرة الذاتية. - أن يكون قادرا على تشخيص وتحليل مواطن القوة ونواحي الضعف في العملية التربوية ليتمكن من وسائل العلاج والتحسين .
- أن يكون تقويمه للمعلم عملية متكاملة لا تنصب على ما يقدمه من ماده علمية فقط داخل الفصل ، ولكن بمراعاة اشتراك المعلم في النشاط المدرسي وعلاقته مع زملائه وتلاميذه ، والجانب الإبتكاري في شخصيته .
- أن يكون عارفا بالمقاييس الدقيقة للتقويم ، قادرا على تطبيقها والتوصل إلى النتائج المترتبة عليها ، والإفادة منها في العلاج والتحسن .
كما ينبغي أن يكون المشرف قادرا على :
- تحديد واختيار أدوات التقويم بنوعيه التكويني والختامي و اختبارهما.
- ممارسة التقويم الذاتي.
- تشجيع المعلمين على استخدام أساليب التقويم الذاتي في ممارساتهم التربوية.
- تحليل نتائج التقويم وتفسيرها.
خامسا : استنتاجات و توصيات
في أفق تطوير قدرات المشرف التربوي
باعتماد نموذج الإشراف بالكفايات.
أولا : هناك مشاكل كثيرة يطرحها واقع الإشراف التربوي سواء على المستوى النظري أو على المستوى العملي ، وذلك بفعل بعض الصعوبات ،مثل غياب فلسفة تربوية واضحة المعالم و أزمة النموذج وعدم الاتفاق على معايير موحدة لتحديد المهام واشتقاق الكفايات ومشكلة المصطلح التربوي وضعف التواصل بين الباحثين والممارسين، وعدم استثمار نتائج البحوث بحيث لا توجد علاقة وطيدة بين ما ينجز في المراكز المهتمة بالبحث التربوي من أعمال ، والقرارات التي مازالت محافظة على شكلها التقليدي ومتوجسة من كل تجديد في حقل التربية... وغيرها. لذلك فإننا نعتقد في ضرورة حل هذه الصعوبات أولا وقبل محاولة صياغة أي نموذج وبناء أي مصنف .
ثانيا :- لكن وفي انتظار ذلك، فإننا نؤمن بضرورة أن يشكل مدخل الكفايات ، حلاً للعديد من المشاكل والتحديات التي تواجه العمل التربوي و الإشرافي منه على وجه الخصوص ، سواء على المستوى الن