تحضير الدروس..
المهنة الأولى التي يتخلى عنها بعض المعلمين!
السبت, 09-فبراير-2013
تحقيق/سعيد الجعفري -
¶ الأدبيات التربوية تعتبر القضية الأهم في مؤشرات أداء المعلم
¶ التوجيه. إدارات المدارس- معنيون بإلزام المدرسين بتحضير الدروس
ليست عملية تحضير الدروس ذهنيا وكتابيا من قبل المعلم عملية ثانوية تخضع لتقدير المدرس لهذه المسألة بقدر ما تشكل قضية أساسية في أداء المعلم كقضية تربوية وتعليمية لا يمكن الاستغناء عنها.. كما انه لا يخضع الأمر للمزاجية باعتباره مقياساً يظهر مستوى أداء المعلم وطريقته ووسيلة يتضح من خلالها مالذي قدمه المدرس وطريقة لتوثيق أدائه الفعلي في الفصل.
اعترافات بالملل
حين تسأل مدرساً عن دفتر التحضير لا تستغرب إن قابلك بالسخرية من هذا السؤال لأنه يرى بأنه غير مهم فقط انه بحاجة إليه لإبرازه للموجهين وقد يحرص ان يكون جاهزا به في الوقت الذي يتوقع حدوث مثل هذه الزيارة والتي قد يمر عام دون أن تحدث فهو إما جاهز بدفتر احتياطي من اعوام سابقة أو بعذر جاهز لتبرير لماذا لم يصطحب معه دفتر التحضير، هكذا أفادنا محمد الجندي الموجه في مادة اللغة العربية نحن أيضا لم نقابل بأي اهتمام من قبل من سألناهم عن دفتر التحضير ويبرر ذلك أحمد المدرس في إحدى مدارس أمانة العاصمة بأنه يشعر بالملل من التحضير على مدار تكرار هذه العملية في الأعوام السابقة ويلتمس العذر لزملائه الذين قال بأنهم أيضا لم يعودوا يهتمون بالتحضير لأنهم أيضا حسب أحمد شعروا بالملل أيضا، لكن النقاش مع أحمد الذي لم يعد يمتلك دفتر تحضير بعد عشرة اعوام من التدريس يخلص إلى ان التحضير أمر مهم بالنسبة للمعلم فهو لا يجهل هذه الحقيقة ولا يمكنه الاستمرار في الدفاع عن تبريراته لعدم اصطحابه لدفتر التحضير وعلى العكس من ذلك يبدو أن هناك من يولي التحضير قدراً كبيراً من الاهتمام الذي يستحقه.
الاستغناء عن التحضير وتقول ان إدارات المدارس معنية بمتابعة هذا الجانب وانه ضمن مهام ادارات المدارس التي عليها ان لا تقبل بأي تقصير أو إهمال من قبل المدرسين وان على إدارات المدارس عدم التهاون مع أي تقصير في هذا الشأن كون الأمر جدا وهاماً وعليها اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال ذلك.
كما قدمت لنا مديرة المدرسة سميرة السنباني نماذج عدة لدفاتر التحضير والتي تظهر متابعة ادارة المدرسة.
تطوير وابتكار
إشراق السعيدي، وكيلة مدرسة الأنصار أكدت هي الأخرى أهمية التحضير وشرحت لنا الكثير من الخطوات التي تقوم به ادارة المدرسة في متابعة التحضير من قبل المدرسين، وتعتبر ان التحضير هو الدليل الفعلي بأن المدرس يؤدي مهامه إضافة إلى أهميته التربوية والتعليمية إلى جانب ما يقتضيه الأمر من التطوير في أساليب التحضير والابتكار وتقول ان التحضير على العكس ليس مملا بل انه يحمل المتعة للمدرس، وهذا ما يبدوا واضحا من خلال اطلاعنا على العديد من دفاتر التحضير التي بدت انيقة الشكل والمحتوى يعكس اهتمام المدرسين.
محمد علي الحيمي، أستاذ القرآن الكريم في مدرسة الأنصار والذي اطلعنا على دفتر تحضيره يرى بأن التحضير يساعد المدرس في ايصال المعلومات وترتيبها وتحقيق الأهداف من الدرس ويمكنّ من قدرة استيعاب الطلاب.
عبدالقادر الشرفي، احد المشرفين في المدرسة يقول: تحضير الدروس يستند على الأساليب التربوية الحديثة ويقدم التقييم الحقيقي للمدرس وهذا ما اتضح لنا من خلال الزيارات الميدانية في ارتباط وثيق بين دور المدرسة والمدرس.
في مدرسة الأنصار بأمانة العاصمة تلمس اهتمام ادارة المدرسة في متابعة تحضير الدروس والإطلاع على دفاتر التحضير لكل مدرس وتدون ملاحظاتها على مستوى التزام المدرسين بالتحضير من خلال سجل تفصيلي يحتوي على متابعة جميع المدرسين يوميا.
سميرة السنباني، مديرة مدرسة الأنصار تبدو حريصة على متابعة تحضير الدروس من قبل المدرسين والإطلاع على دفتر التحضير والتوقيع عليها إلى جانب سجل يحمل تفاصيل تلك المتابعة وتؤكد مديرة المدرسة أهمية دفاتر التحضير وعلى أهمية الدور الذي تقوم به ادارة المدرسة في هذا الشأن لذا فهي تولي هذا الجانب اهتماما كبيراً، كما بدا ذلك واضحا من خلال اطلاعنا على تلك السجلات التي تظهر متابعة ادارة المدرسة لدفاتر تحضير المدرسين.
السنباني تلفت إلى أهمية تحضير الدروس باعتباره أمرا أساسيا وضروريا في العملية التعليمية وانه من خلاله يمكن معرفة أداء المدرس وخطته في شرح الدرس ومدى التزامه بالخطة المدرسية والمقرر المدرسي وإلى اين وصل بالمنهج وفقا لما هو مقرر من قبل الوزارة، وتقول: التحضير الذهني والكتابي يمكن المدرس من أداء متميز ويساعده أثناء الحصة على تقديم أفضل مالديه كما ان المدرس لا يستطيع باي حال من الاحوال يتجلى هذا القدر من الاهتمام بالتحضير في واقع ما يعنيه لدى المدرس.
متعة التحضيرة
عبده بن عبده عبدالله - مدرس اللغة العربية بمدرسة الفتح بالدعيسة تعز - قرابة العشرين سنة في التدريس - لم يتخل خلال هذه الفترة الطويلة من العمل في التدريس يوماً عن التحضير ولا يمكنه أن يتكاسل أو ينسى يوماً التحضير فهو لم يمل - بل العكس من ذلك أنه يجد متعة كبيرة في التحضير الجيد للدروس - ويرى أنه من الضروري على المعلم تحضير الدروس وأن ذلك شرطاً أساسياً من شروط المهنة وأنه لا يمكن الحديث عن معلم بمعزل عن التحضير وحسب جميلة النوارة التي عملت كمديرة مدرسة - والمتخصصة في تدريس مادة التاريخ حيث يقول: بأن عملية التدريس لا يمكن أن تتم بشكل صحيح دون أن يكون المعلم أصلاً قد قام بتحضير الدرس - وأن التحضير ليس أمراً ثانوياً يمكن الاستغناء عنه - فهو القضية الأهم في أداء المعلم - وتقول جميلة: هناك جملة أمور لا تقوم العملية التعليمية إلا بها - على سبيل المثال - وجود المدرسة وتوفر المعلمين وفصول الدراسة والسبورة والكتاب المدرسي وغيرها وبين هذه العوامل التزام المدرس بتحضير الدروس لأن التحضير يساعد ويمكن المدرس من الإلمام الجيد بمحتويات الدرس والطريقة التي سوف يشرح بها الدرس وإيصال المعلومة والتخطيط الجدي للأداء الذي سيقوم به المدرس في الحصة وبالتالي لا يمكن القبول بأن المدرس يستطيع القيام بعمله بالشكل المناسب دون التحضير وكيف يمكن الثقة بمدرس لا يقوم بالتحضير للدرس وكيف لهذا المدرس أن يكون جديراً بعمله وقد تخلى عن أهم شيء في واجباته وكيف سيبذل جهداً في تقديم الدرس وأهم شيء وهو التحضير باعتقادي أن التحضير هو المقياس وهو الدليل العملي أن المدرس يؤدي واجبه عندما يأتي الموجه كيف يستطيع معرفة ما إذا كان هذا المدرس يؤدي عمله فعلاً أم لا - دون الرجوع إلى دفتر التحضير باختصار فإن التحضير هو الأساس والدليل العملي في أداء المدرس تماماً كالطبيب لا يستطيع الاستغناء عن السماعة والمهندس لا يستطيع الاستغناء عن الرسوم والمخططات وغيرها كذلك المدرس لا يمكنه الاستغناء عن التحضير بين مهتم بالتحضير وغير مكترث يتضح قدر كبير من التقصير ففي الواقع هناك الكثير من المعلمين لا يكترثون في التحضير للدروس وإن فعلوا ذلك فإنه لأجل الإفلات من المسئولية في مواجهة إدارات المدارس التي تطالبهم بذلك والموجهين حيث تقع على عاتق التوجيه الكثير من المسؤوليات.
محمد عبده الجندي موجه وخبير تربوي يعبر عن أسفه لهذه الحالة التي تعكس حالة من غياب المسؤولية لدى هؤلاء المعلمين في العديد من المدارس وخصوصاً في الأرياف وهو حسب الجندي واحداً من أبرز الأسباب في واقع تراجع مستوى التعليم وبروز الكثير من الإشكاليات التي أوصلت التعليم الأساسي والثانوي إلى مستوى متدني يقول: الارتقاء بواقع التعليم يتطلب وجود المعلم الكفؤ والمهني الذي يقدس المهنة والقادر على القيام بمسئولياته تجاه ما هو مناط به من مسئولية ويضيف: الوصول إلى هذه الغاية في وجود جيل تكون المدرسة هي أساس انطلاقه إلى المستقبل من خلال التعليم الجيد فإن ذلك يتطلب أساساً المعلم المؤهل والمدرك لطبيعة مهمته غير أن المؤسف أن المشكلة تكمن في مستويات المدرسين الذين بحاجة إلى إعادة تأهيل حقيقي وبحاجة عملية من قبل وزارة التربية والتعليم في تطبيق الآليات التي تجعلها متأكدة فعلاً بأن هؤلاء المعلمين قادرون على القيام بمهامهم وهل فعلاً يؤدون واجباتهم غير أنه في الواقع بأن ذلك لا يحدث وما هو حاصل أننا بحاجة إلى إعادة النظر في هذا الكم من المدرسين.
دور التوجيه
الجندي يقول: وهنا نصل إلى دفاتر التحضير ونتساءل عن مستوى مدرسين تخلوا عن أهم واجب وهو تحضير الدرس فكيف بنا أن نتحدث عن مثل هؤلاء المعلمين أنا شديد الاستغراب لمثل هذا الحال فهل من الممكن لمدرس ليس لديه دفتر تحضير ولا يقوم بذلك أن يقف في الفصل ليؤدي كل ما عليه الأمر يتحول إلى مجرد وظيفة وتوقيع على حافظة الدوام.
ويلفت إلى أنه من خلال عمله: الكثير من المدرسين لا يحضرون الدروس والعديد منهم في أحسن الأحوال يحضر جميع الدروس نهاية الشهر أو نهاية الأسبوع بعد أن يكون قد أدى هذه الدروس وانتهى منها وذلك حتى يكون مستعداً لمواجهة الموجهين بل إن بعضهم لديه دفتر تحضير من الأعوام السابقة فقط يقوم بتغيير التواريخ هذا هو واقع الحال في الكثير من المدرسين وبالتالي فإن الحصيلة المتوقعة في نهاية المطاف مخرجات متدنية ويوضح بأن الموجهين أول شيء يقومون به أثناء وزيارات المدارس والدخول إلى الفصول الإطلاع على دفاتر التحضير إدراكاً منهم بأهمية التحضير وهو أساساً وسيلة تقيم المدرس وبالتالي فإن الأمر يتطلب تكثيف زيارات الموجهين وبعدها اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المعلمين المقصرين إلا أن التوجيه لا يزال ينقصه الإمكانيات اللازمة للقيام بمهامه والنزول الميداني بصورة مستمرة والوصول إلى جميع المدارس.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-فبراير-2013 الساعة: 01:20 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط:
http://www.althawranews.net/portal/news-35264.htm 
الجمعة يناير 01, 2016 6:51 am من طرف صالح شبيل