هديه لمعلمي القران الكريم :
: المدّ الفرعي بسبب السكون:
لنا وقفة تمهيدية مع السكون(1):
الحرف الساكن: هو الحرف غير المتحرك لا بحركة قصيرة ولا طويلة ( لاحظ أنَّ هذا التعريف من الدقة بحيث يفرِّق بين حرف المد -الذي هو حركة طويلة -وبين السكون؛ وهذا هو الصواب فلا يصح أن يوصف حرف المدّ بأنه ساكن).
وقد يكون هذا السكون أصليًّا في الكلمة نحو: قرْءان ؛ عِلْم؛ صِدْق..إلخ؛ فالقاف واللام والدال سواكن أصلية؛ سواءٌ وقفتَ على الكلمة أو وصلتها.
وقد يكون السكون عارضًا للوقف؛ فالحرفُ المتحرِّك بحركة قصيرة يُوقف عليه بسلب تلك الحركة؛ فيصير ساكنًا؛ نحو: (الملكُ) في الوقف تصير : الملكْ ؛ بتسكين الكاف؛ و(عليمٌ) في الوقف تصير :عليمْ بتسكين الميم؛ و(القرءانَ) ؛ في الوقف تصير: القرءانْ؛ بتسكين النون. ونحو ذلك.
الحرف المشدد: عبارة عن حرفين مُدغمين؛ حرف ساكن فمتحرك.
فالحرف المشدد -ضمنًا - يبدأ بحرف ساكن.
المدُّ بسبب السكون الأصلي يُسمَّى بـ (المدّ اللازم)؛ وقاعدته: أن يأتي حرفٌ ساكنٌ سكونًا أصليًا بعد حركة طويلة (حرف مدٍّ طبيعيّ).
في ضوء التفصيل السابق فإنَّ للمدِّ اللازم مجالين:
1- وقوع حرف ساكن بعد حرف مد (حركة طويلة). ويسمَّى بـ (المد اللازم المخفف).
2- وقوع حرف مشدد بعد حرف مدٍّ. ويُسمَّى بـ (المدّ اللازم المثقل). إذ إنَّ الواقع فِعليًّا بعد الحركة الطويلة هو الساكن المكوِّن الأوَّل للحرف المشدد.
ولأنَّ العبرة في إطلاق الأحكام بالمنطوق؛ فإنَّه من الواجب أن نُدخل في باب المدّ اللازم بعض الحروف المقطعة؛ والحروف المقطعة هي الحروف التي تفتتح بها بعض السور؛ لذا قد تُسمى أيضًا بـ(الفواتح)؛ وجملتها أربعة عشر حرفًا:
1؛2؛3- ألف؛ ولام؛ وميم = كما في سورة البقرة وآل عمران والأعراف والرعد وغيرها.
4- صاد =كما في سورة الأعراف وصاد وغيرهما.
5- را= كما في سور يونس وهود ويوسف وغيرها.
6؛ 7؛ 8؛ 9 = كاف؛وها؛ ويا؛ وعين = كما في سورة مريم.
10؛11= طا؛ سين = كما في النمل والشعراء والقصص.
12- حا= كما في الحواميم.
13- قاف= كما في قاف والشورى.
14- نون = كما في القلم.
ويمكن تقسيم هذه الحروف الأربعة عشر إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: وبه حرف (ألف) وحده؛ ولا يُمدُّ لأننا ننطق ألف هكذا= أَلِفْ [لاحظ أنه لا يوجد بالكلمة أية حركات طويلة؛ وبالتالي لا مدَّ فيها].
القسم الثاني: حا؛ يا؛ طا؛ ها؛ را [حروف: حي طهر].
لاحظ أننا ننطق بها هكذا: حَا – يَا – طَا- هَا- رَا.
وعند التدقيق نلاحظ أنَّ كلًّا منها عبارة عن حركة فتحة طويلة؛ يعني ألف مد طبيعي بمقدار فتحتين قصيرتين. لذا فالحروف الخمسة بهذا القسم تندرج تحت باب المدِّ الطبيعي.
ولأنَّ هذين القسمين لا يندرجان تحت باب المدِّ اللازم فيُجمعان ويُستبعدانِ : ألف + حي طهر = حي طاهر.
[تُنطق هذه الحروف في غير القرآن هكذا: حاء ياء طاء هاء راء؛ وهو صحيح فصيح أيضًا؛ ولكنه لا يَصِحُّ قراءةً].
القسم الثالث: حرف ع؛ وتُنطق: عَيْنْ...وبالتدقيق نجد أنَّها ليست من قبيل المدِّ اللازم؛ فالياء بها ليِّنة وليست كسرة طويلة؛ ولكنَّ حرفيْ اللين يمكن مدُّهما كذلك أربع أو ست حركات؛ لذا تُمدّ (عين) أربع أو ست حركات.(2)
القسم الرابع: حروف (س؛ ل؛ ك؛ م؛ ن؛ ق؛ ص).
لاحظ نطقنا لهذه الحروف:
سِينْ ... سين مكسورة كسرة طويلة؛ ثمَّ نون ساكنة ؛ أي أنَّ النون الساكنة وقعت بعد الحركة الطويلة ( حرف المدّ) وهي نفسها قاعدة المد اللازم سالفة الذكر؛ وعليه فالنطق الصحيح للحرف (الذي هو كلمة سين) يكون بمدِ حركة السين ست حركات.
لَامْ...لام مفتوحة فتحة طويلة ثمَّ ميم ساكنة؛ أي أنَّ الميم الساكنة وقعت بعد حركة الفتحة الطويلة.
وبالمثل: كَافْ ؛ مِيمْ؛ نُونْ؛ قَافْ؛ صَادْ...
والسكون في الحرف الأخير من هذه الكلمات السبع (سين؛ لام؛ كاف؛ ميم؛ نون؛ قاف؛ صاد) هو سكونٌ أصلي لأنه يثبت وصلًا ووقفًا()فتُلحق هذه الأحرف بباب المد اللازم وتعرف بالمد اللازم الحرفي.
وبجمع (عين )+ حروف القسم الرابع = ع + س؛ ل؛ ك؛ م؛ ن؛ ق؛ ص = عسلكم نقص...
هذه الحروف الثمانية تمد بقدر ست حركات؛ مع الأخذ في الاعتبار أنَّ (عين) فيها وجهٌ ثانٍ؛ وهو أن تمد بقدر أربع حركات لأنها من قبيل مد اللين؛ وليست من قبيل المد اللازم.
بديعة: ألف+ ح؛ ي؛ ط؛ هـ؛ ر+ ع + س؛ ل؛ ك؛ م؛ ن؛ ق؛ ص = "نص له سرٌّ حكيم قاطع"...
مما سبق يتضح أنه يمكن تقسيم المد باعتبارين:
الأول: إن وقع في كلمة فهو مدٌّ لازمٌ كلمي؛ وإن وقع في حرف فهو مدٌّ لازمٌ حرفي.
الثاني: إن كان الواقع بعد حرف المد ( الحركة الطويلة) حرفًا ساكنًا بدون تشديد فهو مد لازم مخفف. وإن كان الحرف الواقع بعد حرف المد (الحركة الطويلة) مُشدَّدًا فهو مد لازم مثقَّل.
ناتج القسمة المنطقية لما سبق أربعة أقسام:
1- مد لازم كلمي مخفف: ولا يوجد في القرءان في رواية حفص إلا في كلمة واحدة تكررت مرتين في سورة يونس [الآيتان: 51؛ 91] وهي كلمة (ءَالْآن) عند قراءتها على وجه الإبدال مع المد المشبع؛ أما على وجه التسهيل فلا تُمد.
2- مد لازم كلمي مثقل: وهو كثير جدًّا في القرآن؛ نحو: مدهامَّتان؛ جانٌّ ؛ الصاخَّة؛ تأمرونِّي. وليس في القرآن مدّ لازم كلمي مثقل بعد كسرة طويلة (ياء مدية)؛ وقد جاء بعد فتحة طويلة وبعد ضمة طويلة في كلمة (أتحاجُّونِّي) على قراءة حفص ومن وافقه.
3- مد لازم حرفي مخفف: وهو الغالب كما في (ميم) أينما جاءت ؛ و(قاف) ؛ و (كاف)؛ و(لام) الواقعة قبل (را) كما في يونس وهود وغيرها.
4- مد لازم حرفي مثقل: كما في (لام) الواقعة قبل (ميم) في البقرة وآل عمران والأعراف والرعد وغيرها. وتوضيح ذلك أنك تنطق (الم) هكذا= أَلِفْلَامِّيمْ ؛ بإدغام الميم الساكنة من كلمة (لام) مع الميم الأولى المكسورة من كلمة (ميم) فيصيران عند النطق ميمًا واحدة مشددة بالكسر. ومثل ذلك عند قراءتك (طسم) حيث تقرأ هكذا= طَاسِيمِّيم؛ بإدغام النون الساكنة من كلمة (سين) في الميم المكسورة من كلمة (ميم) فيصير النطق بميم واحدة مشددة بالكسر.
توجيه تربوي:
تأصَّل لدينا مما سبق قاعدة اعتبار المنطوق؛ لذلك فمن الضروري جدًّا اعتماد المعلِّم على أسلوب كتابة المنطوق؛ وحبذا إن طلب ذلك من المتعلِّم؛ بحيث يقول له: اكتبها كما تنطقها..
المد لعارض السكون:
يبدأ المعلِّم هذا الجزء بقراءة الفاتحة مع الوقف على الفواصل ( أواخر الآي) مرة؛ على أن يكون الوقف بمد العارض للسكون بمقدار أربع أو ست حركات؛ ثمَّ يُثنِّي بقراءتها بالوصل مرة أخرى.
ويطلب من المتعلمين ملاحظة الفارق.
مثلًا:
· (الرحيمْ) في الوقف؛ (الرحيمِ الحمدُ....) في الوصل.
· (العالمينْ) في الوقف (العالمينَ الرحمن....) في الوصل.
· (نستعينْ) في الوقف؛ )نستعينُ اهدنا...) في الوصل.
أوَّل ملاحظة سماعية للطالب ستكون في أنَّ مقدار الحركة حين الوقف أطول من مقدارها حين الوصل.
وهي ملاحظة صائبة بالطبع؛ ولكن هل هذا التطويل في مقدار الحركة حين الوقف صوابٌ أم خطأ؛ وإن كان صوابًا فما سببُه؟
بكتابة ما ننطقه فعلًا وضبطه بالشكل؛ في الوقف يثبت أنَّ الميم من كلمة (الرحيم) ساكنة بعد حركة طويلة؛ وهي نفسها قاعدة المد اللازم؛ ومثلها النون من كلمة (العالمين) ؛ (نستعين) إلخ..وهو أمر مُطَّرد مع الحروف المتحركة حركة قصيرة حيث تُسلب حركتها في الوقف وتصير ساكنة كما سبق الإشارة؛ لذا فإن هذا النوع من السكون عارضٌ للوقف؛ ويلحق هذا النوع من المدود بالمد اللازم فيُمدُّ بمقدار ست حركات لأن قاعدة المد اللازم منطبقة عليه حين الوقف.
غير أنَّ فريقًا من العلماء لم يعتدَّ بالعارض ونظر للأصل؛ فأجروا عليه قاعدة المد الطبيعي فيصير المد بمقدار حركتين؛ وقد توسط فريق ثالث بين القولين السابقين فمدَّ بمقدار أربع حركات..
مما سبق يصير لدينا للعلماء في العارض للسكون ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: مدُّه بمقدار ست حركات باعتبار الوقف مع الاعتداد بالعارض؛ واعتباره من قبيل المد اللازم . (ويُسمَّى الإشباع).
المذهب الثاني: مدُّه بمقدار حركتين: باعتباره من قبيل المد الطبيعي مع عدم الاعتداد بالعارض.(ويُسمَّى القصر).
المذهب الثالث: مدُّه بمقدار أربع حركات: بالتوسط بين القولين السابقين. (ويُسمَّى التوسُّط).
تنبيهات:
1- يجب إجراء القراءة على نسق واحد فمن اختار الإشباع فليلتزم به في قراءته كلها؛ ومن اختار التوسط فليتلزم به؛ وكذا من اختار القصر. وهو جارٍ على قاعدة: واللفظ في نظيره كمثله.
2- يجب مراعاة تناسب القراءة من حيث الربط بين أنواع المدود المختلفة؛ فالمد اللازم أقواها ومقداره ست حركات؛ يليه المتصل ومقداره (لحفص من طريق الشاطبية) أربع أو خمس حركات؛ [ومثله المنفصل من طريق الشاطبية وإن كان أضعف منه] . فلا يجوز حينئذٍ أن يُختار القراءة بمدِّ المنفصل بمقدار خمس حركات مع مدِّ المتصل بمقدار أربع حركات فقط.
مد اللين:
سبق توضيح المقصود بالياء والواو اللينتين؛ وقلنا إنَّ الياء والواو إن سكنا وانفتح ما قبلهما سُمِّيتا ليِّنتين.
نحو: بَيت؛ طَيْر؛ خَيْر؛ شَيْء؛ قَوْل؛ خَوْف؛ الأعلَوْن.
عند الوقف على مثل هذه الكلمات فيمكن مدُّ الياء أو الواو فيها بمقدار حركتين أو أربع أو ستٍّ مثلها في ذلك المدّ العارض للسكون.