تقنيات التعليم في تدريس القرآن الكريم
إن المتأمل في طرائق تدريس القرآن الكريم في مدارسنا يلحظ أنه يغلب عليها القصور من ناحية الأداء وعدم استخدام وتفعيل تقنيات التعليم، كون كثير من المعلمين ينتهجون النمط التقليدي في التدريس، مما انعكس سلباً على مخرجات هذه المادة المهمة، بضعف تلاوة الطلاب وتجويدها، وتدني مستوى حفظهم، وهو ما يلمسه المختصين في هذا الجانب. لذا أوصت دراسات كثيرة بضرورة استخدام تقنيات تعليم متنوعة وحديثة من شئنها التغلب على السلبيات أنفة الذكر.
وحيث إن نظام التعلم يعتمد على سلسلة متصلة من التفاعل بين خصائص المتعلم، وظروف التعلم والخبرات التعليمية التعلمية المتاحة، فإن نظامي التعلم وتقنيات التعليم يتفاعلان معاً بحيث يشكلان في النهاية الخبرات التعليمية من خلال ممارسة المتعلم لبعض الأنشطة بمساعدة تقنيات التعليم، والتي لا يمكن الاستغناء عنها من أجل تحقيق أهداف التعلم. فتقنيات التعليم لها مزايا عديدة، حيث تقوم بأدوار مهمة لحل مشكلات العملية التعليمة، ومساعدة المعلم في أداء مهامه، والمتعلم لتحقيق أفضل نتاج تعلم، ولتبسيط الخبرات التعليمية وإضفاء المتعة عليها.
ولاشك أن القرآن الكريم من المواد التي نالت نصيباً لا بأس به من الاهتمام بتقنيات التعليم الخاصة بتدريسه، والتي أسهمت بشكل كبير وفعال في تسهيل حفظ القرآن الكريم، وتعلم تلاوته،وتفسيره، وتجويده، فأتاحت الفرصة لتحسين أساليب التعليم، التي من شأنها أن توفر المناخ التربوي الفعال، الذي يساعد على إثارة اهتمام الطلاب، وتحفيزهم، ومواجهة ما بينهم من فروق فردية، بأسلوب فعال، والتي تمثل نقلة نوعية في مجال تدريس القرآن الكريم.
ومن أهم تقنيات التعليم وأكثرها انتشاراً في تعليم القرآن الكريم وتعلمه الحاسب الآلي، فيمكن استخدامه بشكل مباشر، أو من خلال ربطه بعدة تقنيات يمكن استخدامها والإفادة منها في عملية التدريس. كجهاز عرض البيانات الرقمي (data show)، والماسح الضوئي، والطابعة، والمجهر الالكتروني، والسبورة التفاعلية. فيتمكن المعلم من إعداد العرض المرئي والصوتي للآيات، والتفسير والتوجيهات والفوائد . وعرض الصور التوضيحية كمخارج الحروف. وتوضيح أحكام التجويد.
كما أنه تتوافر أجهزة حاسب آلي كفيّة، صنعت لغرض واحد وهو تعليم القرآن الكريم وتحفيظه، مع إمكانية اختيار المقرئ، وخاصية التكرار والإعادة، وتسجيل صوت المتعلم، ومقارنته بصوت القارئ،كجهاز الوسيلة الإلكتروني، وجهاز مسك، وجهاز دار السلام، وجهاز المصحف الإلكتروني، وجهاز المحفظ.
ومن تقنيات التعليم المرتبط عملها بالحاسب الآلي البرمجيات الحاسوبية والتي تتميز عن التعليم التقليدي بميزات عدة، كونها تتيح للمتعلم خيارات متعددة أثناء التعلم، كعرض المحتوى العلمي بشكل جذاب، يجذب انتباه المتعلم، وتحافظ على تركيزه، وتزيد الدافعية لديه للتعلم دون تعب أو ملل. وهي كثيرة جدا، ومن أشهرها وأفضلها برنامج حفص الإلكتروني لاحتوائه على تقنية متقدمة في تعليم القرآن الكريم وحفظه، وقد بذلت جهود جبارة في سبيل إخراجه بصورته الحالية، يلحظها ويلمسها المتعلم والمعلم. ومن البرامج المتميزة كذلك الموسوعة القرآنية الشاملة، وموسوعة المصحف المرتل، وبرنامج تحفيظ القرآن الكريم من إصدار شركة حرف، والموسوعة الذهبية، وموسوعة النبلاء القرآنية. والكثير والكثير من البرمجيات والتي لا يمكن حصرها ولمُّ شتاتها؛ فعالم التقنية عالم متجدد ومتطور، ومع ذلك كله فهي تحتاج إلى مزيد من التصنيف والتقويم والتطوير والدعم.
ومن التقنيات التعليمية الخاصة بالقرآن الكريم دون غيره من المقررات معمل القرآن الكريم بما يحتويه تجهيزات خاصة كالليزر المرئي والليزر الصوتي وجهاز جهاز (DBC) الخاص بالتحكم واختيار ومراقبة أجهزة الطلاب، وبذلك تضفي هذه التقنية جواً من الروحانية أثناء التعلم وتنقل الطالب من الجو الرتيب داخل الصف إلى معمل القرآن الكريم ذو التقنيات التعليمية المتطورة.
كما تحتوي الشبكة العنكبوتية العالمية (الانترنت) على مواقع تهتم بتعلم القرآن الكريم وتعليمه، وتلك المواقع كثيرة جداً، ومتناثرة هنا وهناك، وتتنوع تلك المواقع بين مواقع متخصصة، أو ضمن مواقع عامة لجمعيات أو مؤسسات أو جامعات أو إذاعات أو وزارات، ومن تلك المواقع التي تُعنى بتعليم القرآن الكريم وتعلمه بشكل خاص، موقع نون للقرآن وعلومه، وقد نال الموقع جائزة الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم كأفضل موقع إلكتروني قرآني ، وموقع أكاديمية تاج لتعليم القرآن الكريم، والتي يشرف عليه نخبة من العلماء والتقنيين والتربويين، وموقع القرآن الكريم من شبكة المسلم، ويتميز الموقع بخاصية كتابة الآيات وتصحيح الأخطاء وهو من الطرائق المعروفة لتثبيت الحفظ.
ولاشك أن الإفادة من هذه المواقع وتطويع الإمكانيات التكنولوجية على شبكة المعلومات العالمية يخدم العملية التعليمية، ويساهم بفاعلية في توسيع دائرة تقنيات التعليم المستخدمة في تدريس القرآن الكريم، ولا يخفى على أحد الإقبال المطرد للنشء على (الانترنت) مع توافر وسائل الاتصال الحديث، وانتشار تطبيقاته وسهولة الوصول إليه.
ومع ذلك كله لا تزال تقنيات التعليم تزخر بالكثير والمفيد من التطبيقات والخطط والاستراتيجيات ونتائج البحوث في مجالات المعرفة المختلفة والتي تستخدم جميع الموارد البشرية وغير البشرية المتاحة ، للوصول إلى تعلم أكثر فاعلية وكفاية. مما يتحتم على الجهات المسئولة العمل الجاد والدءوب قدماً على تبني مثل تلك الاتجاهات، وتدريب المعلمين عليها، وتحفيزهم على استخدمها، مما ينعكس إيجابا على الطالب الذي هو محور العملية التعليمية.