مفهوم المؤسسات التربوية وانواعها وأثرها في تربية الفرد والمجتمع
يمكن تعَريف المؤسسات التربوية بأنها تلك البيئات أو الأوساط التي تُساعد الإنسان على النمو الشامل لمختلف جوانب شخصيته ، والتفاعل مع من حوله من الكائنات ، والتكيف مع من ما حوله من مكونات.
ويأتي من أبرز وأهم هذه المؤسسات التربوية في المجتمع الأسرة والمدرسة وجماعة الرفاق إلى جانب المسجد ووسائل الإعلام والأندية وأماكن العمل ونحوها من المؤسسات المختلفة التي تؤثر على تربية الإنسان سواءً كان ذلك التأثير بطريقةٍ مُباشرةٍ أو غير مباشرة .
ويأتي من أبرز هذه المؤسسات التربوية والتعليمية ما يلي :
1 ) الأُسرة ( المنـزل ) : وهي الخلية الأولى التي يتكون منها نسيج المجتمع ، كما أنها الوسط الطبيعي الذي يتعهد الإنسان بالرعاية والعناية منذ سنوات عمره الأولى .
وتُعد الأسرة أهم المؤسسات التربوية الاجتماعية التي لها الكثيـر من الوظائف ، وعليها العديد من الواجبات الأساسية حيث تُعتبر بمثابة المحضن الأول الذي يعيش الإنسان فيها أطول فترةٍ من حياته ، كما أن الإنسان يأخذ عن الأُسرة العقيدة ، والأخلاق ، والأفكار ، والعادات ، والتقاليد ، وغير ذلك من السلوكيات الإيجابية أو السلبية .
2) المسجد : يُعد المسجد أبرز وأهم المؤسسات الاجتماعية التربوية التي ارتبطت بالتربية الإسلامية ارتباطاً وثيقاً نظراً لعددٍ من العوامل التي أدت في مجموعها إلى ذلك الارتباط والتلازم ؛ لا سيما وأن المسجد لم يكن في المجتمع المسلم الأول مجرد مكان لأداء العبادات المختلفة فقط بل كان أشمل من ذلك ؛ إذ كان جامعاً لأداء العبادات من الفرائض والسُنن والنوافل ، وجامعةً للتعليم وتخريج الأكفاء من الخلفاء والعلماء والفقهاء والأمراء ، ومعهداً لطلب العلم ونشر الدعوة في المجتمع ، ومركزاً للقضاء والفتوى ، وداراً للشورى وتبادل الآراء ، ومنبراً إعلامياً لإذاعة الأخبار وتبليغها ، ومنـزلاً للضيافة وإيواء الغرباء ، ومكاناً لعقد الألوية وانطلاق الجيوش للجهاد في سبيل الله تعالى ، ومنتدُى للثقافة ونشر الوعي بين الناس ، إلى غير ذلك من الوظائف الاجتماعية المختلفة .
وبذلك يمكن القول إن المسجد في الإسلام يُعد جامعاً وجامعةً ، ومركزاً لنشر الوعي في المجتمع ، ومكاناً لاجتماع المسلمين ، ولم شملهم ، وتوحيد صفهم . وهو بحق أفضل مكانٍ ، وأطهر بقعةٍ ، وأقدس محلِّ يمكن أن تتم فيه تربية الإنسان المسلم وتنشئته ، ليكون بإذن الله تعالى فرداً صالحاً في مجتمعٍ صالحٍ .
3 ) المدرسة : وهي من أهم وأبرز المؤسسات الاجتماعية التربوية التي أنشأها المجتمع للعناية بالتنشئة الاجتماعية لأبنائه ، وتربيتهم ، وتهيئتهم ، وإعدادهم للحياة . وعلى الرغم من أنه لا يُعرف متى وأين وكيف ظهرت أول مدرسةٍ في التاريخ إلا أنه يُمكن القول : إنها ظهرت عندما دعت الحاجة إليها . ولعل من أبرز وأهم وظائف المدرسة ما يلي :
* أنها تعمل على تبسيط ونقل التُراث المعرفي والثقافي ونحو ذلك من جيل الكبار إلى جيل الصغار ، أو من المعلمين إلى الطلاب تبعاً لما يتناسب واستعداداتهم وقدراتهم المختلفة ؛ فينتج عن ذلك جيلٌ متعلمٌ ومُثقف .
* أنها تعمل على استكمال ما كان قد تم البدء فيه من تربيةٍ منزلية للفرد ، ثم تتولى تصحيح المفاهيم المغلوطة ، وتعديل السلوك الخاطئ ، إضافةً إلى قيامها بمهمة التنسيق والتنظيم بين مختلف المؤسسات الاجتماعية ذات الأثر التربوي في حياة الفرد فلا يحدث نوع من التضارب أو التصادم أو العشوائية .
* أنها تقوم بدورٍ كبيرٍ في عصرنا الحاضر حينما تكون في معظم الأحيان بديلاً للأُسرة إذ يتشرب الصغار فيها عادات وقيم وأخلاق وسلوكيات مجتمعهم الذي يعيشون فيه .
4) وسائل الإعلام : وهي مؤسسات اجتماعية تربوية إعلامية تكون في العادة مرئيةً ، أو مسموعةً ، أو مقروءة . وتُعد هذه الوسائل على اختلاف أنواعها من أهم وأبرز الوسائط التربوية في عصرنا الحاضر ، وأكثرها تأثيـراً على تربية وثقافة ووعي الإنسان ؛ حيث تُقدم برامج مختلفة وثقافات متنوعة من خلال وسائلها الجماهيرية المختلفة التي منها : الإذاعة ، والتلفزيون ، والفيديو ، والصحافة ، وشبكة الإنترنت ، وأشرطة التسجيل السمعية ، والسينما ، والمسارح ، والمعارض ، والمتاحف ، وغيرها من الوسائل الأُخرى التي تُخاطب جميع الفئات ، ومختلف الأعمار ، وتدخل كل بيت ، وتصل إلى كل مكان .
5) النـوادي أو الأندية : وهي مؤسسات اجتماعية تربوية تكون في الغالب ( ثقافيةً ، أو رياضيةً ، أو اجتماعية ) . وقد كثُر انتشارها في المجتمعات المعاصرة . وتُعد أماكن يلتقي فيها الإنسان مع فئـةٍ من الناس الذين يجمعهم هدفٌ مشترك ، أو مصلحةٌ مشتركةٌ ؛ حيث إنها تُقدم إمكاناتٍ هائلةً لحياةٍ اجتماعيةٍ يُقبل عليها الأفراد باختيارهم وطواعيتهم ، ليتمتعوا في رفقة زملائهم وأقرانهم بجوٍ من المرح والعمل . وفي الأندية فرصٌ متعددةٌ لممارسة الرياضات المفضلة ، وتكوين العلاقاتٍ الاجتماعية مع الآخرين . وتزداد أهمية الأندية في التنشئة الاجتماعية – كما يُشير إلى ذلك بعض الباحثين - مع زيادة عجز الأُسرة عن توفيـر الفرص الكافية والمناسبة لممارسة النشاطات الرياضية ، والاجتماعية ، والثقافية المختلفة .
6 ) المكتبات العامة : وهي أماكن خاصة تتوافر فيها الكُتب ، والمراجع ، والمواد المطبوعة أو غير المطبوعة التي تُقدِّم عدداً من الخدمات التعليمية ، والتثقيفية ، والإعلامية ، والتوعوية اللازمة لأفراد المجتمع . وعادةً ما تكون هذه المكتبات تحت إشراف بعض الجهات الرسمية . كما أنها قد تكون مُلحقةً ببعض المؤسسات الاجتماعية كالمؤسسات التربوية والتعليمية ، والجوامع ، والنوادي ، وبعض المرافق الاجتماعية الأُخرى . وقد تكون بعض المكتبات خاصةً ببعض الأفراد .
7 ) جماعات الرفاق : وهي نوعٌ من المؤسسات الاجتماعية التربوية التي لها تأثيرٌ كبير في تربية الإنسان انطلاقاً من كونه كائناً حيًّا اجتماعيًّا يميل بفطرته إلى الاجتماع بغيره ، ولذلك فإن جماعة الرفاق في أي مجتمع بمثابة جماعةً أوليةً شأنها شأن الأُسرة في الغالب ؛ لأنها صغيرة العدد ، وتكون عضوية الفرد فيها تبعاً لروابط الجوار ، والشريحة العُمرية ، والميول ، والدور الذي يؤديه الفرد في الجماعة .
والخلاصة ، أن للمؤسسات التربوية المختلفة في المجتمع المسلم أهميةً بالغةً ؛ وأثراً بارزاً في العملية التربوية بعامة والتعليمية بخاصة ؛ الأمر الذي يفرض على المهتمين في الميدان التربوي والتعليمي مزيداً من العناية والاهتمام بها ، والحرص على أن تكون مُتميـزةً في المجتمع المسلم ، ومُختلفةً عن مثيلاتها في المجتمعات الأُخرى ؛ نظراً لكون المجتمع المسلم ينفرد عن غيره من المجتمعات الأُخرى بمصادره ، وأهدافه ، وغاياته ، وخصائصه التي تفرض على مؤسساته التربوية المُختلفة في المجتمع المُسلم أن تكون فريدةً هي الأُخرى ، ومُتميزةً ، وقادرةً على تحقيق ما هو مرجوٌّ منها ، لأنها هي المسؤولة عن تربية الإنسان المسلم ، وإعداده لممارسة أدواره ووظائفه الاجتماعية المختلفة في الحياة .
[img]
[/img]