الإعلام التربوي و ثقافة الحوار
إن المتأمل لمجتمعنا التعليمي يجد انه بحاجة إلى إعلام تربوي يفعل بالصورة التي تحقق لأفراد المجتمع الفهم الواعي لأهمية كونه احد أهم العناصر التي تبني الأجيال القادمة , حيث يترسخ من خلاله الفكر الديني و الثقافي و الأخلاقي و الاجتماعي لدى الطلاب و الطالبات و بالتالي نستطيع أن نصل بهم إلى أعلى مستويات الرقي الفكري بكافة أنواعه .
من هنا كان لابد للقائمين على التربية أن ينظروا إليه بصورة جادة حتى يتسنى لهم تحقيق الأهداف المنشودة من سياسة التعليم في المملكة و التي منها ترسيخ الإيمان بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمداّ نبيا و احترام الحقوق العامة التي كفلها الإسلام , كما أن تزويد الأفراد بالقدر المناسب من الخبرات يجعلهم أعضاء نافعين في المجتمع , إضافة إلى تنمية المهارات اللغوية حتى تمكنهم من الاتصال الفعال بالحضارات و الثقافات الأخرى
إن إعداد مجتمع مثقف يستطيع إدارة دفة الحوار في مختلف القضايا بأسلوب تربوي راقي يمثل حضارتنا كأمة مسلمة ,وبما أننا اليوم نعيش في عالم يدرك مدى أهمية الكلمة في حياة الأفراد ومدى تأثيرها على المجتمع , كان من الضروري أن يتوقف التربويون أمام دور الإعلام في المؤسسات التربوية التعليمية , وقد كان مشروع ترسيخ ثقافة الحوار في المؤسسات التعليمية من ابرز المشاريع الإعلامية التي أقرتها المؤسسات التعليمية , حتى يتمكن جميع أفراد المجتمع اليمني من أن يعبّروا عن مكنوناتهم بأسلوب حضاري راقي .
وقد صدر العديد من التعاميم و التوجيهات التي تطالب بتفعيل ثقافة الحوار في مختلف الميادين بصفة عامة و المؤسسات التربوية بصفة خاصة عبر وسائل الإعلام التربوي .
ونحن إذ نقول إن مشروع ثقافة الحوار هو احد المشاريع الإعلامية ذلك لأن أهم عناصر الإعلام التربوي تكمن في الأسلوب الجيد لإدارة دفة الحوار مع الآخرين في مختلف المواضيع و القضايا , و التواصل معهم بصورة هادفة سواء كان ذلك الحوار عن طريق وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية .
ومن هنا انبثقت العلاقة بين الحوار كقاعدة عريضة و بين وسائل الإعلام التي تمكننا من التعبير بصورة إعلامية تربوية سليمة ..
وهنا يطرح السؤال نفسه , لماذا لم يفعل الحوار في المؤسسات التربوية التعليمية بالصورة التي نؤملها ؟
وحين نحاول الإجابة على هذا السؤال تتفطر قلوبنا ألماً لهذه الإجابة نظرًا لعدة أسباب منها أن طبيعة أفراد المجتمع اليمني تتسم بصفة الكبرياء والتحدّي و عدم القدرة على مواجهة الآخرين بالحوارالبناء , و عدم تطبيق منهج الحوار كقاعدة شرعية تطبيقية في الحياة ’ إضافة إلى تجاهل الأسرة لأسلوب الحوار كأحد الأساليب المتبعة في تربية الأبناء جعلهم يفتقدون مهارة التواصل مع الآخرين عن طريق حوار بناء و هادف , , كما أن بعض المؤسسات التعليمية ليس لديها الإلمام الكافي بأهداف الحوار و أهميته مما جعلها تخفق في تفعيله بالصورة المطلوبة , وأنها لا تزال تنظر إلى تعليم الطالبة بالصورة التقليدية المعتمدة على التلقين دون الاهتمام بضرورة تفعيل و تطوير قنوات الحوار و تبادل الآراء كونها الطريقة الأمثل في التعليم .
كل هذه العوامل أدت إلى عدم إلمام أبناؤنا و بناتنا بماهية الحوار و آليته ما جعل الأثر الرجعي في الميدان ضعيفا لا يرتقي إلى المستوى و الهدف المراد تحقيقه بالصورة التي نتمناها.