اكتب كأن الله يراك ..
الأخوات الفضليات ، والأخوة الأفاضل أعضاء منتدى التوجيه التربوي العربي
كثيرا ما كنت أواجه بشكوى من زملائي الباحثين، ودائما ما يكون موضوع الشكوى ، بأنني قرأت كثيرا في موضوع بحثي، وجمعت بيانات لا حصر لها ، ولكني لا أستطيع الكتابة، لا أستطيع أن ابدأ ، كيف أبدأ، كيف أكتب.
هذه مشكلة حقيقية، تواجه الباحثين الكبار، فما بالنا إذا كان الأمر يتعلق بباحثين شبان، أو طلاب في مرحلة البكالوريوس أو الليسانس.
كنت دائما، ما أنقل لهم تجربتي، الخاصة دونما نقص أو اختزال، وها أنذا أعرضها عليكم، علها تفيد، وعلها سوف تتطور من خلال مداخلاتكم.
1- الكتابة العلمية، تحدي ومتعة لا مثيل لها ، إذا توفر لنا الوعي الكاف، للتعرف على متى يكون العقل مهيئا للكتابة، وأول ما أود لفت الانتباه إليه، هو أن الباحث عليه، أثناء القراءة ألا يكف عن التعليق، وألا يترك أي فكرة تخطر على باله دون تسجيل ، على أن يرتبط التسجيل بالمادة التي يقرأها، وهذه العملية هي النواة الأولى للتأليف والكتابة بعد ذلك.
2- هب أنك مثلا، تقرأ كتاب لظافر السبيعي مثلا ( وأنا أختاره لأنه مستقبلي الأول في هذا المنتدى) وقرأت فكرة ظافر ، ولم تتفق معها ، واكتشفت أن لديك فكرة أفضل منها ، حينئذ لابد أن تكتب فكرة ظافر ثم بين قوسين بجوار الفكرة تضع اسمك أولا ثم فكرتك الناقدة .
3- وأنت مستمر في القراءة ، ومستمر في وضع الأفكار الصغيرة، المتناثرة هنا وهناك ، عند حد معين ، يبدأ عقلك تلقائيا في الإلحاح عليك بالكتابة، فإذا ألح عليك العقل بأن تكتب فلا تتردد.
4- في المرة الأولى، سوف تلملم الأفكار المبعثرة هنا وهناك ، وتحاول وضعها في سياق واحد متصل، مع الاستشهادات التي اقتبستها أثناء عملية القراءة، مع التحذير بأنه لا يجب في هذه المرحلة التدقيق في كل عبارة أو صياغة، كل ذلك سيأتي لاحقا، المهم أن تجمع شتات هذه الأفكار، بأي صيغة.
5- سوف يظهر لك أن الكتابة بلا معنى، فلا تيأس ، إنما هي البداية، ثم تبدأ عملية هامة جدا أرجو أن ينتبه إليها القارئ الكريم ، وهي ستبدأ الآن بالمرور على كل فكرة خاصة بك ، وتحاول تبرير وجودها، فإذا قال لك عقلك أن هذه الفكرة لابد من حذفها ، فافعل ، إن عملية التهذيب هذه هامة جدا ، ولابد أن تكون الأفكار الباقية تستطيع الدفاع عنها أمام أي ناقد.
6- بعد الابقاء على الأفكار الجديرة بالاهتمام ، عليك الآن أن تتأمل تسلسل الأفكار ، وهل النص الذي كتبته للمرة الثالثة أو الرابعة ، يتسم بالتسلسل المنطقي أم لا ، وفي هذه المرحلة ستجد أنك مضطر لنقل فكرة من الخلف ووضعها في الأمام أو الوسط ، أو العكس فافعل ذلك دون تردد.
7- رويدا رويدا .... تتماسك الأفكار وتتضح ، وحين يصلك شعور بالفرح ، بعد كل هذا القلق ، فاعلم أنك الآن مؤلف.
اكتب كأن الله يراك
من المهم جدا، ونحن ننشد نهضة علمية، أن نتمسك بالأمانة العلمية بكل ما استطعنا، وأود لو وضعت نفسك في حالة شعورية أثناء الكتابة، متأكدا أن الله يقرأ كل كلمة كتبتها، وسوف يطلع أيضا على كل فكرة ، سلبتها من غيرك دون الإشارة إلى مصدرها.
اكتب كأن أفضل عالم في تخصصك يراك
من المهم أيضا، أن يضع كل باحث في مخياله، واحد من العلماء أو الأساتذة الثقات في التخصص، ويتأكد وهو يكتب بأن كل كلمة سوف يقرأها هذا الأستاذ، إن هذا الشعور أثناء الكتابة يجعل الإنسان يخرج كل ما في وسعه من أفكار، ويدققها، خوفا من أن ينقدها الأستاذ الافتراضي.
اكتب وأنت تحب الخير لنفسك ومجتمعك
هذه الحالة، الروحية عالية القيمة، عندما تشعر بها وأنت تكتب، فكل شيء سوف يتغير، وستجد أن الأفكار تتدفق من ثنايا عقلك دون جهد أو كلل.
لا تكتب شيئا غامضا عليك