عصا موسى” ليست معي ،، نحن بحاجة إلى أن نلقن المتربين مبادئ علاقاتهم مع من يربيهم ، ماحدودها؟ ومامساراتها الصحيحة؟ وكيف يتعاملون معه على وجه لاتكون نتيجته إما إفراط وإما تفريط ، والحديث حول هذا يحتاج إلى تحرير بالغ لقلة الحديث عنه من جهة ولعدم إدراكـ أهميته من جهة أخرى ، ذلكـ أن كثيراً من المربين يعنيه أن يفهم ويتعلم مايخصه هو تجاه من يربيهم ولايعنيه أن يلقنهم مايخصهم تجاه هو . .
كثير من المتربين لا يعي الحجم الطبيعي لعلاقته مع من يربيه، فمنهم من يقدمه على كل أحد حتى على والديه ، ومنهم من يبالغ في الجفاء فيتعامل معه كأداة ميكانيكية يأخذ منها العلوم والمعارف ويكتفي بهذا، ومنهم من يظن أنه المعلم الأول وصانع التربية الذي ليس له مثيل ورأيه هو الأفضل وهو الصواب، ومنهم من يظن أنه يمتلكـ الحلول السحرية لكل ومشكلة والاستيعاب الكامل لكل خلاف والأدلة القاطعة لكل مخالف . .
وربما كان هذا الفهم الخاطئ نتيجة خطأ وقع فيه المتربي لعلة في تفكيره أو جهل فيه أو فراغ عاطفي لديه، أو كان ذلكـ بمحاولة من المربي لكي يضع حول نفسه قداسة وحرمة توجب له الطاعة والاحترام .
أياً ما كان الأمر فالنتيجة لها أبعادها الخطرة ليس أعظمها التحول المفاجئ من المتربي عن هذه القناعة إلى مايضادها، ولن يقف ضرر هذه المشكلة على المتربي وحده بل الضرر على المربي أكبر وأبلغ . .
إن على المتربي أن يتفهم قدر مربيه فلا يضعه في مقام أرفع من مقامه ثم يفاجأ فيما بعد أن قناعته ليست كما يظن فتنقلب الحال إلى الجفاء والبغض، فقد يكون المربي ماهراً في جانب من جوانب الحياة مخفقاً في آخر، ولايضيره أو ينقص من قدره أننا نصمه بالإخفاق بل هي طبيعة البشر لاينجو منها أحد، قد يكون ماهراً في رسم الهدف المستقبلي للمتربين ويوجههم نحوه التوجيه السليم لكنه يخفق في العلاقات الاجتماعية سواء كانت تخص المتربين أو غيرهم ..
وأول خطوة في طريق إصلاح هذا الفهم الخاطئ أن ينادي المربي وبأعلى صوته: "عذراً . . فـ(عصا موسى) ليست معي" ،،