عذرًا أيها الزوج .. فالدنيا ليست لك وحدك...!
=-=-=
رسالة من بعيد إلى كل زوج ...
عزيزي الرجل المسلم ... عندما تقبل على الزواج , فأنت تقبل عليه لأسباب تتفق مع طبيعة احتياجاتك وثقافتك وفهمك للحياة , وعندما تشرع في تنفيذه فأنت تتّبع شرع الله وتتمه على كتاب الله وسنة رسوله , أى أنه ينبغي عليك أن تكون قد اطلعت مسبقا على ما لك وما عليك في هذا العقد , كما ينص القران الكريم , وكما وجهنا الرسول الكريم لك حقوق وعليك واجبات , وكذلك الزوجة لها وعليها .
وقد جعل الله المرأة وبحكم طبيعتها مختلفة عنك , فلها حقوقها المقدمة على واجباتها انطلاقا من قوله تعالى : ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ( سورة البقرة : 228 ) . وهذه الدرجة منحةٌ من الله سبحانه وتتمثل في درجة القوامة التي تتحقق بالنفقة والرحمة وحسن المعاشرة والتلطف في المعاملة ونحو ذلك .
عزيزي الرجل .. إن أجمل وصف للمرأة هو وصف الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) لها بالقارورة , فهي لم توصف بالجميلة الرقيقة ، أو الهيفاء ، أو غصن البان , إنما وصفت بالقارورة التي تصنع من الزجاج , والزجاج يحمل صفات ثلاث : النقاء ، والصفاء ، والصلابة . فالمرأة الصالحة نقية القلب من الأحقاد ، وهي صلبة في الحق ، كما أنها صافيةٌ من الغش .
والمرأة عندما خُلقت من ضلع آدم عليه السلام لم تخلق مثله من تراب لتصبح الحياة قائمة على الاثنين معا , خلقها الله لآدم لتؤنسه , وجعل بينهما مودة ورحمة لتحصل السكينة . فالمرأة فرع من الرجل وهو أصلها ، ولا غِنى لأصل عن فرعه ، يقول تعالى : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ( سورة الأعراف :*الآية 189 ) ، فالعلاقة بينهما علاقة امتزاج والتصاق , وهي أقوى علاقة اجتماعية ؛ لاحتوائها على ناحيتين :
ناحية غريزية فطرية ، وناحية عاطفية وجدانية .
ويقول ابن كثير - رحمه الله - في كتابه " تفسير القرآن العظيم " :
ومن آياته - سبحانه - الدالة على عظمته وكمال قدرته أنْ خلقَ لكم من جنسكم إناثًا يكُن لكم أزواجًا ؛ لتسكنوا إليها ، و من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم ، وجعل بينهم وبينهنَّ مودة وهي المحبة ، ورحمة وهي الرأفة ، فإنّ الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها ، أو الرحمة بها ، بأن يكون لها منه ولد ، أو محتاجة إليه في الإنفاق ، أو للألفة بينهما وغير ذلك .
ولو تأملت أيها الرجل لوجدت كل توجيهات القرآن الكريم والسُنة المطهرة تحثُك على أن تكون رفيقا ، وحسن العشرة معها , فلماذا تنتهج نهجًا يباعد بينك وبين الرجولة عند حدوث مشكلة معها أو عندما تصلا إلى مفترق طرق ؟؟
إذا كان الأمر يقتضى طلاقا وفرقة ؛ فعليك أن تنتهج النهج الذي كنت عليه عند الزواج , وأن يكون ذلك على شرع الله ووفق تعاليمه وتوجيهاته . فليس معقولاً ولا مقبولاُ أن تخالف شرع الله عند الفراق وتترك المرأة معلقة ؟
أين حقها في أن تخير في الاستمرار قبل أن تتزوج بأخرى ؟
ولماذا تمنح نفسك حق فرض استمرارك معها ؟
قال تعالى : وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( سورة البقرة : 227 ) . أي أن على الرجل أن يفي به لأن الله تعالى ( سميع ) ، وهو سبحانه ( عليم ) بعزمه .
أيها الزوج : إذا كنت قد تزوجت بالعقل , فلماذا لا تُكمل مشوارك بالعقل ؟ أو حتى تنهي ذلك المشوار بالعقل ؟
إنك متى حكّمت عقلك فستُدرك الحلال والحرام , وعندها ستفهم أن موقفك معها إهانة لرجولتك , فالرجولة تفرض عليك الصدق مع الله تعالى ثم مع نفسك . ألم تقرأ قوله تعالى : " ولا تذروها كالمعلقة " , وقولهسبحانه : " فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " ؟ وعليك أن تتأمل كيف قرن جل جلاله الإمساك بالمعروف والتسريح بالإحسان ؛ فالإحسان أعلى درجةً من المعروف ، أي أن حقها عند الطلاق أعظم من حقها عند الزواج .
عزيزي الرجل .. ماذا تنتظر من زوجتك إذا كنت لا تقوم بدورك تجاهها ، ولم تحترم ميثاق الله بينكما ؟
واعلم - بارك الله فيك - أننا لا نطالبك بالعودة ما دمت غير أهل للحفاظ على أهلك , ولكننا نطالبك أن تتقى الله سبحانه , وأن تخشى من الوقوع في ما سماه الله تعالى بظلم النفس في قوله تعالى : ( ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ) .
والله تعالى أسأل أن يرفع عنا وعنك ظلمك ، وأن يجعل لك ولنا من أمرنا يسرا ورشدا .