بسم الله الرحمن الرحيم
( مدى إدراك مشرفي التربية البدنية ومعلميها لمفاهيم التدريس الفَعَّال )
أ\صالح شبيل ؛؛>
التدريس الفعال :
التدريس الفعال هو ذلك النوع من التدريس الذي يرفع من مستوى التلميذ إلى أقصى ما تسمح به قدراته. وأيضاً يعرف على أنه ذلك النمط من التدريس الذي يؤدي إلى إحداث تغيرات للتلاميذ في مجالات النمو المختلفة.
نظرية الاهتمامات :
تقوم نظرية الاهتمامات على ثلاث مراحل يمر بها المعلمون وهي: أساسيات التدريس ومهام التدريس وتحصيل التلاميذ، وفي كل مرحلة يتوجه اهتمام المعلمين نحوها ينشغلون بها، وتستقطب تفكيرهم إلى أن يتـم التـمكن منـها وتـجاوزها.
الإطار النظري والدراسات السابقة :
يعد التدريس الفعال أحد مجالات أبحاث التدريس، وقضيته الرئيسة هي الوصول إلى أنجح الطرق التي تجعل التدريس مثمراً ولاشك أن تلك الطرق هي العامل المشترك بين كافة الأطراف المعنية بالعملية التربية من مشرفين ومدراء وأولياء أمور وغيرهم. وجذور موضوع معارف التدريس الفعال لا تعود إلى رغبة المعلمين في مثل تلك المعارف وإنما فُرِضَت عليهم ورُبِطَت بإلحاقهم بالخدمة وباستمراريتهم وتدرجهم الوظيفي فيها. بل إن المعلمين رفضوا وصفات التدريس الفعال وقاوموها أيضاً.
فالتدريس الفعال كمفهوم هو محصلة رغبة المجتمع عموماً في أن يتعلم أبناؤه شيئاً محسوساً في المدارس. تلك الرغبة التي تجسدت في حركة المحاسبة والتي ترى باختصار أن عدم تعلم التلاميذ يعود بطريقةٍ أو بأخرى إلى المعلم وبالتالي يجب أن يحاسب المعلم على ذلك. وهو أيضاً محصلة جهود العلماء السلوكيين والذين نقلوا الاهتمام من صفات المعلمين وخبراتهم إلى ما يفعله أولئك المعلمون، ويقود إلى التعلم؛ متبنين عوامل مثل المؤشرات ، وزمن المشاركـة في المـادة التعليميـة ، والتـعزيز والتي تشبـه إلى حـد كبيـر المـدخلات والعمليات والمخرجات التي درجوا على التعامل مـعها فـي مختبـرات الفسيـولوجيا 0
والمحاسبة تعني باختصار تقويم أداء المعلم ويقوم بها المدير أو المشرف الفني أو خبير خارجي. وفي النظام التعليمي السعودي يقوم المشرف الفني بعملية التقويم هذه. وبعيداً عن الإسهاب في مفهوم التقويم فإنه سيتم الإشارة إلى المعايير التي يتم التقويم في ضوئها:
معيار فعالية التدريس:
يعد تعريف التعليم الجيد مشكلة للتربويين، فهنالك اتجاه للقول: أن التعليم الجيد هو شئ لا نستطيع وصفه أو تحديده، بل دعه يعرف نفسه بنفسه. المشكلة هنا أننا إذا لم نتمكن من وصف التعليم الجيد، فإن أي تعليم سيكون جيداً مثله مثل غيره. وعليه فإننا نحتاج إلى وصف التعليم الجيد لنتمكن من مساعدة المعلمين ليكونوا أفضل في أداء مهامهم، ويكون لدينا قاعدة معلومات نرتكز عليها في تدريب المعلمين.
ربما يكون لكل فرد مفهومه الخاص عن التدريس الفعال. فالمسألة هنا مسألة تعريف. وإن كانت كافة التعاريف تقريباً تربط نجاح التدريس بنجاحه في تنشئة التلاميذ وتطوّر نموهم الشخصي والوجداني، وتمكنهم من المعارف المضمّنة في المنهج المدرسي. فأدبيات التدريس عموماً تعرف التدريس الفعال على أنه "ذلك التدريس الذي يترتب عنه تحصيل واضح وملموس يفوق المتوقع في اختبارات التحصيل النظامية المحددة للتربية البدنية"
ويستند هذا التعريف على حقيقة أن الشغل الشاغل للتربية البدنية المدرسية هو أن يتعلم التلاميذ. فالتعلم هو هدفها الرئيس، وفعالية التدريس تقاس فقط بتعلم التلاميذ، فالتلاميذ يتعلمون الكثير كنتاج لخبراتهم في التربية البدنية المدرسية، وبعض هذا التعلم مقصود والبعض الآخر غير مقصود. غير أن المحك الرئيس في الحكم على التربية البدنية هو التعلم المقصود. ومعيار تقييم التحصيل؛ أو بعبارة أخرى، ما الذي يجب أن يتعلمه التلاميذ في التربية البدنية موضوع لم يتفق عليه – على مستوى المهنة – إلا مؤخراً. فالتربية البدنية معنية بإعداد الفرد المربى بدنياً ومواصفات الشخص المربى بدنياً كما أوردتها المنظمة الأمريكية للرياضة والتربيـة البدنيـة هي :
- تعلم المهارات الضرورية للأداء في عدد متنوع من الأنشطة البدنية.
- المشاركة بانتظام في الأنشطة البدنية.
- التمتع باللياقة البدنية العالية.
- المعرفة بمضامين وفوائد المشاركة في النشاط البدني.
- تقدير النشاط البدني وإسهاماته في نوعية الحياة الصحية.
هذا وتتضمن الوثيقة تحليلاً لكل جانب إضافة إلى عدد من العبارات يمكن اعتبارها أغراضاً تعليمية
والتدريس الفعّال في التربية البدنية هو الذي يقود إلى إكساب التلاميذ هذه الجوانب؛ وبتالي فإن هذا الاكتساب هو المعيار الذي يقوّم به أداء المعلم: فما هي نسبة من أجادوا المهارات الحركية المقررة، وما هو مستوى الإجادة ؟ ما هو مستوى لياقة التلاميذ البدنية في الاختبارات المعيارية المحددة ؟ هل تعرف التلاميذ على طرق تصميم برامج شخصية للياقة البدنية للصحة ؟ هل قدر التلاميذ النشاط البدني وأثره على الصحة
باختصار يقَوّم أداء المعلم في ضوء مستويات التحصيل التي حققها التلاميذ ضمن أهداف المنهج. وهذا يعني أن تقويم أداء المعلم ينبغي أن يتعدى المظهر والصوت ودفتر التحضير وكون التلاميذ مشغولين وسعداء ومؤدبين إلى تقويم موضوعي يعتمد على القياس في الحكم على فعالية التدريس والمعلم.
أياً كان الرأي في موضوعية الحكم على المعلم، أو إنسانية ذلك الحكم، في ضوء تحصيل تلاميذه؛ فإن الشاهد هو أن المعلم لم يترك ليحتكم إلى قاعدة "أطفو أو أغرق". لقد وفر البحث العلمي قاعدة بيانات ضخمة تعين المعنيين في التعرف على كل ما من شأنه جعل التدريس يقود إلى تحصيل أكثر. والبحث في هذا الصدد ليس بالجديد، فمحاولات تحديد العوامل أو الموضوعات التي تجعل التدريس فعالاً تعود إلى العام 1930م. تاريخياً اهتمت المحاولات الأولى بالتعرف على السمات الشخصية التي تجعل المعلمين ينجحون، وتوصلت إلى أن صفات مثل: المرح، والصبر، والود، والبشاشة، والتجرد، والنزاهة، والرغبة في التعامل مع التلاميذ، تكفي للحكم على المعلم، ولكن هذه الدراسات لم تحاول مقارنة تحصيل تلاميذ المعلمين الذي يمتلكون هذه الصفات بتحصيل تلاميذ نظرائهم الذي لا يمتلكونها. باختصار فإن التساؤل عن ما إذا كان أصحاب هذه السمات هم الأفضل لم يطرح؛ وبالتالي لم يجب عليه. ولعل نقطة الضعف الرئيسة في هذا الخط من الدراسات هي إيحاؤها بأن المعلم يولد ولا يصنع؛ وهو إيحاء سيعنى قبوله إلغاء دور مؤسسات الإعداد المهني والتوجيه الفني واكتساب الخبرات في غرف الصف الدراسي وصالات الألعاب والملاعب.
ويعود الفضل للتربويين السلوكيين في نقل اهتمام أبحاث التدريس الفعّال من السمات الشخصية صوب ما يعرف الآن بأبحاث العملية – الحصيلة وهذه الدراسات والأبحاث نفذت في الصفوف المدرسية، والتي تُبين ما يقوم به المعلمون ولقد كانت هذه الجهود تشترك بشكل رئيسي فأنها تتم على شكل تصميم أبحاث إنتاجية؛ وتختبر العلاقة بين مميزات العملية التعليمية، وناتج التعليم. وكانت هذه الدراسات ثابتة في أجواء متغيرة.
وباختصار شديد فإن هذا الخط من الأبحاث ركز على ما يفعله المعلم في غرف الصف وصالات الألعاب والملاعب، ويقود إلى تحصيل وافر من جانب التلاميذ. وقد توصلت هذه الأبحاث إلى الآتي :
أولاً : مجال التخطيط :
لا تتناول أبحاث التدريس الفعال موضوع التخطيط، من حيث تركيزها على السلوك الواضح للمعلم في المواقف الموجهة مع تلاميذه، لذلك فإن الصور التي تقدم لنا عن التدريس تظل دائماً مبتورة، وربما أن هذا التجاهل هو الذي قاد إلى عدم التوصل إلى نمـوذج تخطيـطي فـعال. ومع ذلك فإن المعارف المرتبطة بالتخطيط تساعد المعلمين في زيـادة فعـالية تخـطيط الـدرس.
فالتخطيط هو عملية استكشاف المستقبل، ورصد الوسائل والإمكانات والغايات، ثم تصميم إطار عمل في ضوء ذلك الاستكشاف والرصد، ليقود سلوك المعلم في مواقف المواجهة في غرف الصف وصالات الألعاب والملاعب. والتخطيط بهذا الفهم فرض عين في التدريس الفعال ذلك أنه يتعلق بتحديد ما يجب أن يتعلمه التلاميذ، والترتيبات الضرورية لتحقيق ذلك التعلم، والاستراتيجيات التي ستقود تلك الترتيبات إلى النجاح 0
وأي خطة يراد لها الفعالية يجب أن تكون محصلة الخطوات التالية :
1- تحليل مفردة النشاط البدني الذي سيدرس إلى أبنية معرفية تقريرية تستقى محتواها من المعلومات التي وفرتها العلوم الأم لمجال المعرفة المسمى: "النشاط البدني"، وتحديداً: الفسيولوجيا، الميكانيكا الحيوية، التعلم الحركي، علماء النفس والاجتماع الرياضي. وسينتهي مثل هذا التحليل إلى تقرير عن ذلك النشاط يتضمن: خلفيته وتاريخه، قوانينه، والمبادئ الفسيولوجية التي تتداخل فيه، ومبادئ التدريب والوقاية من الإصابات، والتغذية، ومحتواه النفس حركي: مهاراته الأساسية والفرعية وطرق أدائها، ومبادئ التعلم والتحكم الحركي التي تتداخل في تعلمه.
2- يتم ترتيب هذه المعارف تنازلياً وفقاً للمبادئ المستقاة من مجالات تمثيل المعرفة وعلوم الرياضة والتصميم التعليمي.
3- يتم تحليل بيئة التعلم من الأجهزة والأدوات المتوفرة، وكذلك الزمن المتاح، وكذا تحليل المتعلمين لكل مفردة من المفردات التي توصل إليها التحليل.
4- يتم تحديد ماهية المحتوى الذي سيدرس؛ سواء كانت مهارات، أو مفاهيم، أو مبادئ، أو استراتيجيات، أو سمات، وتحديد الترتيب أو التتابع الذي ستدرس به.
5- استناداً إلى المحتوى الذي تم تحديده تصاغ الأهداف التعليمية؛ بحيث تشمل معارف الأداء النوعي والكمي، والمعارف عن الأداء المستقاة من علوم التربية البدنية والرياضة، كما تعرف الطرق التي ستستخدم في تقويم التحصيل.
6- بعد كل ذلك يبدأ تصميم المهام التعليمية المناسبة؛ والمعيار هنا هو: إسهامها في تحقيق الرؤية الكلية للمعلم، وارتباطهـا بالبنية المعـرفية للنشاط المرشح للتدريس وينتهي التخطيط هنا باختيار الإطار المناسب في ضوء حجم المادة التعليمية التي ستدرس: خطة فصلية، أو شهرية، أو أسبوعية، أو يومية، والأساليب التعليمية التي ستستخدم، بما في ذلك طرق التدريس، وأساليب التنظيم والإدارة.
أبحاث تخطيط المعلمين :
إن معرفة مثل هذا الأسلوب في التخطيط تعتبر ضرورية لفهم نتائج البحث في تخطيط المعلمين، والتي تندرج تحت عنوان آخر (تفكير المعلمين). وأهم ما تقوله هذه الأبحاث:
- إن التخطيط يؤثر فعلاً على فرص تعلم التلاميذ كتقسيمهم إلى مجموعات تصنيف متشابهة، بحسب حجم المحتوى الذي سيغطى، والزمن الذي سيقضى في المهام التعليمية … الخ، وكلها موضوعات ثبتت علاقتها بفعالية التدريس.
- نموذج تايلور Taylor القائم على تحديد الأهداف، واختيار المحتوى، وتنظيمه، والتقويم ليس الخيار المفضل لا للمعلمين الجدد ولا الخبراء.
- إعداد وتنفيذ المهام التعليمية يعد أهم أنشطة تخطيط المعلمين؛ بحيث تصبح هذه المهام تصورات ذهنية تخدم تنفيذ وظائف مرحلة المواجهة مع التلاميذ.
- التخطيط عملية شخصية بالضرورة، أو هكذا ينبغي أن تكون؛ ذلك أن بيئات التدريس تتباين في مصادرها بتباين الدارسين فيها، وسيسهل دائماً وضع خطة مثالية موحدة، غير أن الأصعب هو التخطيط في ضوء محتوى محدد في ظل الإمكانات والأجهزة والأدوات المتاحة، ونوعية التلاميذ في المدرسة. أذا فالتخطيط الواقعي هو المطلوب وتعني الواقعية هنا أن يختص التخطيط بمدرسة معينة، وبتلاميذ معينين، وإلى المدى الذي تتاح فيه الفرصة للمعلمين لإتخاذ القرارات التخطيـطية الأكثـر فعاليـة
ثانياً : مجال الإدارة والتنظيم :
يشير اصطلاح الإدارة والتنظيم في البيئات التعليمية إلى التدابير والإجراءات الضرورية الهادفة إلى التوفير والمحافظة على بيئات تمكن من تنفيذ عمليتي التعليم والتعلم، فلكي يحدث تعليم وتعلم يتحتم تهيئة كافة الشروط التي تتعلق بهما وتنظيمها وترتيبها، سواء تلك التي تتعلق بالمتعلم وخبراته واستعداداته ودافعيته، أو تلك التي تشكل البيئة المحيطة بالتعلم أثناء التدريس.
وتعـود جـذور الإدارة و التنظيـم فـي بنية التـدريس الفـعال إلـى المطالبـة بالتمييز بين الإدارة والتنظيم من جهة، والسلوك التعليمي من جهةٍ أخرى؛ حيث تتوجه الأولى نحو التلاميذ كجماعة، بهدف المحافظة على مواقف التعلم كمحور اهتمام رئيس للمعلم، في حين يتوجه الثاني نحو سلوك التعلم الفردي لدى التلاميذ0
وقد تأسست تلك المطالبة على ما كشفت عنه نتائج العديد من الدراسات خلال العقدين الأخيرين من القرن السابق من ارتباط إيجابي بين الإدارة الفعالة في غرف الصف وصالات الألعاب والملاعب، وتحصيل التلاميذ فالتعلم يرتفع مستواه في البيئات التي وضع لها المعلمون قواعد تحد من حرية التلاميذ الحركية العشوائية، كما أنه يرتفع عندما يسيطر المعلم تماماً على المهام التعليمية؛ بحيث ينصرف كل حديثه ونقاشه إليها، ويشرف على تنفيذها، ويتأكد من اندماج التلاميذ فيها؛ مضاعفاً بذلك الوقت المخصص للتعليم، ومقللاً من نظيره المطلوب للإعدادات، والإجراءات، وحفظ النظام.
فعالية الإدارة والتنظيم :
مناخ التعلم الإيجابي
مناخ التعلم الإيجابي لدى المعلمين الفعالين أقرب إلى مناخ رجال الأعمال. حيث يكون التوجه العام نحو إنجاز المهام التعليمية مع الاندماج الكامل فيها: التلاميذ أكثر انتظاماً، والمعلم أقل تساهلاً . يحول المعلمون صفوفهم إلى بيئات إنتاج، يقضي فيها معظم الوقت في الأنشطة الأكاديمية، متوقعين من تلاميذهم أن ينتجوا ويتعلموا، ومقدمين باستمرار تغذية راجعة لذلك الإنتاج، ومتحملين مسئوليتهم انطلاقاً من إحساسٍ قوي بالكفاءة الشخصية.
ومع كل ذلك فإن بيئات المعلمين الفعالين لا تخلو من المسحات الوجدانية: فهم يدركون أن الاسترسال في النقد والسخرية والعقاب والتغذية الراجعة السلبية لا يقود إلى تقليل الإنتاج فحسب وإنما يؤدي إلى انطباع سلبي عن الذات لدى التلميذ، وإلى اتجاهات سلبية نحو التعلم أيضاً. كما أنهم يدركون عدم وجود أدنى دعم ( لا في النظرية ولا في البحث ) لذلك المعلم الذي يريد أن يكون صعباً.
الإجراءات التنظيمية :
يرسي المعلمون الفعالون أسس مناخ تعليمهم على الإجراءات والأنظمة الإدارية. حيث يحددون في ضوئها كيفية الدخول والخروج من الدرس، والتعامل مع الأجهزة والأدوات، وطرق اختبار الزميل أو الجماعة والإجراءات الإدارية المتعلقة بتسجيل الحضور والزي … الخ. ولأن هذه القواعد والإجراءات هي حجر الزاوية في الإدارة الوقائية الجيدة لذا فإن المعلمين الفعالين يحرصون على تدريب التلاميذ عليها بتروٍ، منذ يوم الدراسة الأول، كما يتيحون لهم الفرص لتطبيقها، مع وضعها في أماكن بارزة في مواقع الدروس.
النظام والانضباط :
من جهةٍ أخرى يتأسس النظام والانضباط في صالات الألعاب والملاعب على قناعةٍ كاملة بأنه وفي الحدود المقبولة سيشارك أغلبية التلاميذ في برنامج الأداء الضروري؛ لتحقيق حدث معين مخطط له، وأن الأقلية غير المشاركة في الحدث مطالبة على الأقل بتركه يمضي، وفقاً لما هو مخطط له. وحتى يمضي الحدث وفق ما خطط له يلجأ المعلمون إلى وضع قواعد وإجراءات للسلوك، واستخدام استراتيجيات ضبط الدرس، بالإضافة إلى استخدام الدرس نفسه كوسيلة للضبط.
مؤشرات التدريس الفعال :
التعليم أحد جوانب التدريس التي تتعلق بتوفير اتصال بين التلميذ والمعلم يتيح لعملية التدريس تحقيق ثمارها. ويرتبط نجاح التعليم باستخدام المبادئ التي أشار البحث إلى أنها ترفع في معدل تحصيل التلاميذ. ومعرفة تلك المبادئ واستخدامها بتروٍ وفنية هي العلامة المميزة للمعلم المتميز 0
تتكون بنية التعليم الفعال من إعداد التلاميذ، وتقديم المادة التعليمية، والتطبيق الموجّه، ثم المستقل.ومع كافة هذه المكونات يقول أدب المجال: إن التعليم يقود إلى تحصيلٍ أوفر من جانب التلاميذ عندما يقدم المعلم في عرضه شرحاً واضحاً بنماذج بصرية للمهارات أو المفاهيم موضوع الدرس، مع التقدم في عناصر الموضوع خطوة خطوة بمعدل مناسب، واستخدام المؤشرات لتسهيل الاستيعاب، وطرح الأسئلة للتأكد من الفهم.
ولترسيخ ما تم تعلمه يُتبع العرض بتطبيق موجه، وهنا يكون التعليم فعالاً عندما يُقدم التلاميذ إلى مهام تعليمية تناسب قدراتهم، يراعي في تصميميها أن توفر لهم أكبر قدر من النجاح، ويبقى المعلم قائداً للتطبيق، فيحرص على أن يكرس أكبر جزء من وقت الدرس للتعلم ويحرص على أن يبقى التلاميذ مندمجين في المهام التعليمية لأكبر فترة ممكنة مع المرور عليهم وهم يؤدون، فيراقب الأداء، ويقدم التغذية الراجعة التصحيحية، ويستثير الدافعية مستخدماً الحث والتلقين، ومعرفاً بالتوقعات المناسبة التي وضعها للتعلم ومسئولية تلاميذه عن تحقيق تلك التوقعات وما أنجز فعلاً منها مع الثناء على المنجزين؛ في حدود شروط الثناء الفعال وبمجرد بلوغ التلاميذ لمستوى جيد في إنجاز المهام التعليمية الموكلة إليهم -كما تعبر عن ذلك
استجاباتهم - يتم الانتقال إلى آخر مراحل التعليم؛ وهي: التطبيق المستقل. يدعم التطبيق المستقل التعلم عندما ترتبط مهامه بأهداف الدرس، ويكون وافر الحجم، ويستمر حتى يبلغ التلاميذ مرحلة عاليةٍ من التعلم، وتبلغ نسبة الاستجابات الصحيحة 95%. ولا تعني كلمة المستقل هنا انتهاء الدور القيادي للمعلم. فهو يظل يستخدم استراتيجية الإشراف الإيجابي، ويواصل تحميل التلاميذ مسئولية إنجاز المهام التعليمية، مع إشعارهم بأن أداءهم يتم تحت مراقبته، وكل ذلك في مناخ عملي إنتاجي مرح وبشوش وداعم لأداء التلاميذ.
استراتيجيات طرق التدريس :
الاستراتيجيات في الحرب هي: فن صناعة الخطط الموجه نحو تحقيق الأهداف. وفي التربية هي: خطط متكاملة تأخذ في اعتبارها كافة الإمكانات والبدائل المتاحة، لتحقيق أهداف تربوية محددة، بدرجةٍ عالية من النجاح. والاستراتيجية كمصطلح أوسع مفهوماًوممارسة من الطريقة أو الأسلوب؛ وما الطرق والأساليب في واقع الأمر إلا جزء سلوكي مما تعنيه الاستراتيجية وتقوم بتوظيفه لتحقيق أهدافها.
واستراتيجيات التدريس الأكثر استخداماً في التربية البدنية هي: التدريس المباشر، والتدريس بالمهام و المحطات، والتدريس بالأقران، والتدريس المتفاعل، والتعليم الذاتي. ورغم ما قد يبدو للملاحظ غير الخبير من اختلافات بين هذه الاستراتيجيات إلا أنـها جميعاً تـحرص على التـعريف الواضـح للمهـام التـعليمية، وتـوفير قـدر مـن التـطبيق، مـع تقـديم تغذية راجعة منتظمة، والحث على البقاء ضمن المهام، فـي إطار نـظام محـاسبة صـارم 0
وتبدو معظم الفروق بين الاستراتيجيات وكأنها تتعلق بأدوار كلٍ من المعلم والتلميذ، أو ما أسماه إيجابية المعلم وسلبية المتعلم، وتدريس التلاميذ كمجموعة واحدة أو مجموعات. فخلال القرن الماضي نقب البحث المعرفي للتدريس عن طرق لتشجيع المراقبة الشخصية للتعلم، والتدريس الشخصي لتيسير وتعزيز استقلالية المتعلم. لقد رأى في حينه أن تعلم المهارات شيء هام، غير أن مراقبة المتعلم لذاته وإدارته لها الأولوية. وبدا كما لو تم نقل جزئي لوظائف التدريس المباشرة المتعلقة بالتخطيط وتحديد زمن التعلم والمراجعة إلى التلميذ.
وبصورة عامةٍ لا يخضع اختيار الاسترايتجيات لقاعدة: "إما … أو"؛ بل إن التركيز على استراتيجية واحدة قد يكون غير مثمر وربما ترتب عليه تعليم غير مناسب. ذلك أن الخطة التعليمية المتوجهة نحو هدف معين ستشير إلى أن استراتيجية بعينها ستناسب أهدافها، وأن الاستراتيجيات الأخرى قد تكون عديمة الصلة بتلك الأهداف أو أنها غير مفيدة. ومع تغير الأهداف يتوجب إعادة النظر في الاستراتيجيات. ذلك أن هذه الاستراتيجيات ما هي إلا مجموع اعتقادات المعلم الفرد عن التدريس والتعلم، والكيفية التي يجسد بها هذه الاعتقادات عند مواجهة التلاميذ في صالات الألعاب والملاعب.
التدريـس المباشـر استثنـاء يظهـر أدب التدريـس الفعال على أن استراتيجية التدريس المباشر هي الأكثر فعالية في زيادة التحصيل والتعلم. والتدريس المباشر كاستراتيجية تدريس يشير إلى بيئة تدريس وتعلم تتميز بالآتي :
- التوجه نحو المهام التعليمية والتي يشترط أن تتعلق بأهداف محددة وفي جوٍ مريح.
- وضوح الأهداف التعليمية، والإشراف الإيجابي على تقدم التلاميذ في إنجاز المهام التعليمية التي يحققونها، ومراجعة الإنجاز، وتقديم تغذية راجعة.
- تدريس الصف كمجموعة واحدة، مع الحرص على إيجابية التدريس ومشاركة التلاميذ.
- محاسبة التلاميذ على التعلم.
وعليه فإن المعلم يجب أن يفكر في الأستراتيجية التي يود أستخدامها، ذلك أن المادة التعليمية والأهداف المحددة وخصائص المتعلمين هي التي تحدد ما إذا كان من المناسب استخدام استراتيجية التدريس المباشر أو غيرها من الاستراتيجيات الأكثر انفتاحاً.
فعندما يكون التحصيل في المهارات الأساسية هو الهدف فإن البحث العلمي يشير إلى أن التدريس المباشر يتفوق على الاستراتيجيات الأكثر انفتاحاً وارتكازاً حول المتعلم. وعندما يكون الإبداع والتفكير التجريدي واستقلالية المتعلم (كما في الجمل المهارية والأنشطة الإبداعية والوجدانية) فإن البيئات الأكثر انفتاحاً تكون أكثر مناسبة.
وعلى أية حال فإن المعلم هو الذي يتخذ القرار، وأياً كان اختياره فإن: "التوجه نحو المهام التعليمية، والأهداف الواضحة، والتدريس النشط، ومحاسبة التلميذ على التعلم تكون في الغالب خصائص الاسترايتجية التعليمية الجيدة 0
أما طريقة التدريس فهي تلك الخطوات المتسلسلة والمترابطة التي يتبعها المعلم في تحقيق أهداف درسه. وكما أشار (موستن) فإنه لا يوجد دعم بحثي، بشكل مطلق، لأفضلية أي منها. كما أنه لا تبدو طرق التدريس المختلفة شديدة الارتباط بالتحصيل، فقد توصل استعراض إلى عدم وجود فروق دالة في التحصيل كنتاج لاستخدام طرق التدريس المختلفة، أو أن النتائج لم تكن كبيرة الأثر، بحيث يعتمد عليها. وتبدو مقولة في هذا الصدد صريحة وقاطعة: "لا يدعم أدب التدريس الفعال طريقة بعينها، لا في تدريس غرف الصف، ولا في صالات الألعاب والملاعب؛ الشيء الذي يحول دون التوصية بأي منها، كطريقة مثلى لتدريس جميع الأنشطة التعليمية، لجميع التلاميذ في جميع الصفوف والمدارس". ومع ذلك فإن بعض الأدلة التي أوردها تدعم تفوق طريقة الممارسة ، وأيضاً طريقة التدريس التبادلي على طريقة القيادة المباشرة.
تقويم تحصيل التلاميذ :
ليس عدلاً في حق المهنة تقويم تحصيل التلاميذ على أساس الحضور والمشاركة، وارتداء الزي الرياضي، وطاعة المعلم، والسلوك العام.
تقويم التحصيل جزء رئيس من التدريس الفعال؛ باعتباره وسيلة الحصول على المعلومات الضرورية لاتخاذ القرارات المتعلقة بالتعرف على كيفية تقدم التلاميذ، وفاعلية العملية التعليمية، وكفاية المنهج. ولأن حجم التحصيل في المجال النفس حركي والمعرفي والوجداني هو معيار الحكم على فاعلية المدرس: أياً كان الجدل حول موضوعية ذلك، فإن كفايات التقويم تصبح بالضرورة جزءاً رئيساً من ذخيرة المعلم الفعال؛ والتمكن من تلك الكفايات يرتبط إيجابياً بزيادة التحصيل 0