علاقة المعلم بالموجه التربوي
يعد المشرف التربوي حلقة الوصل بين المعلم وبين الجهة المسئولة عنه فنيا ، لأنه يقوم بملاحظة المعلم وتقويمه صفيا لكي ينهضا معا بالعملية التعليمية التربوية التي تساير التغير والتطور اللذين أصبحا سمة من سمات هذا العصر ،المرسوم بالثورة التكنولوجية والتقدم العلمي السريع ، ونتيجة لذلك أصبحت كلمة التطوير من الكلمات الكثيرة الاستعمال في كل مجالات الحياة, ويتداولها المختصون في مجال التربية عند حديثهم عن تطوير الإدارة المدرسية .ولنناقش بشكل أخوي هذه العلاقة لابد أن نتفهم ونفرق بين معنى التقييم (الزيارة الميدانية المفاجئة ) وبين التقويم (القياس من خلال ربط المعلم بعلاقته بالمعهد و إدارة المعهد والطلاب و المشرف التربوي ومدى انتاجه داخل الفصل و المعهد).
وهنا يجب أن يدرك المشرف التربوي و المعلم أن العلاقة بينهما هي علاقة تعاون أكثر وتيسير وتسهيل من المشرف التربوي للمعلم في كل ما يحتاجه لأداء واجبه الوظيفي وهو التدريس بشكل إبداعي.
أسباب المشكلة في هذه العلاقة للمعلم:
•ما زال بعض المشرفين يتخذ أسلوب الإشراف التفتيشي وتصيد الأخطاء للمعلم بالرغم من تغير مفهوم الإشراف وأهدافه وأساليبه .
•يبدأ المشرف التربوي بسرد أخطاء المعلم بعد مشاهدة الحصة وعدم اللجوء إلى ذكر الايجابيات في الحصة
•بعض المشرفين يتخذ الأسلوب الهجومي مع المعلم .
•أصبح اختيار المشرف التربوي من اجل سد النقص الحاصل في المعهد بغض النظر عن المؤهل والخبرة والتجربة والكفاءة كمشرف . أو تم اختياره بناء على تصورات في مجملها تتركز حول كفاءته السابقة كمعلم بغض النظر عن انه يمارس هذا الدور
•يتم اختياره في اغلب الأحيان بناء على ما ناله من شهادات بغض النظر عن مصدرها .
•يمارس المشرف عمله في جو من الشكوك .
التوصيات للحالة السابقة:
•استشارة المعلم عند حضور الحصص و تقبل المشرف رأي المعلم بالحضور.
•عدم تصيد أخطاء المعلم والاكتفاء بالتوجيه غير المباشر
•تغيير أساليب اختيار المشرف التربوي .
•الدورات التدريبية للمعلمين الجدد تكون حسب التخصص وليس بشكل جماعي.
•الابتعاد عن أسلوب حضور الحصص ، والحكم والتقويم و اتخاذ أسلوب التوجيه فقط .
أسس مهمة لعلاقة إيجابية بين المشرف التربوي والمعلم:
للعلاقة الجيدة بين المشرف التربوي والمعلم أثر كبير في بلوغ الأهداف المرجوة وفي تحقيق الأثر المطلوب في نمو الجانب المهني والمهاري وهو أحد أهداف الإشراف التربوي في خلق نمو النشاط العملي وإيجاد الدافعية واستثمار الجهود وزيادة الإنتاجية وتشجيع التجارب.
إن العلاقة الإيجابية بين المشرف التربوي والمعلم في ميدان التربية سوف تساعد في الوصول إلى تنسيق الجهود ورسم الرضا الوظيفي وتطور الأداء وتنمية العلاقات وتحقيق التعاون المشترك بين الطرفين وهو مطلب، وحفز العطاءات وتلبية الاحتياجات بناء على معرفتها وتعزيز الانتماء للمهنة وهو مطلب اليوم ورفع الروح المعنوية وخلق التنافس وإشاعة روح التعاون، هذه الأسس يجب أن تكون الركائز الأهم التي يعمل من أجلها الطرفان المشرف التربوي والمعلم، فالشراكة مطلبهما وأي خوض في اتجاه آخر ولو خطأ فهذا يعني خلق تيارين متصادمين في العلاقة وهذا خطأ لأن المشرف التربوي تجاوز مرحلة التفتيش ومرحلة إملاء التوجيهات إلى مرحلة أرحب وأوسع يفرد من خلالها جميع أطر ونظريات العمل التربوي في صورته الحديثة. لقد وجدت نفسي أمام نقاط مهمة في رسم العلاقة بين المشرف التربوي والمعلم من الجدير عرضها لعل فيها
الفائدة:
لا يمكن للمعلم أن يشعر بمتعة العمل إلا إذا وجد هذا الشعور متلبساً بحق المشرف التربوي عند ذلك سيرى في التوجيهات التي أعطيت له قيمة كبيرة وإن كانت لا تعوزه لكنه سيجد نفسه مدفوعا للتفاعل للعمل مع المشرف بروح مرتفعة.
أن لا تقدم التوجيهات من المشرف التربوي للمعلم على شكل (أوامر) مغلفة بمعنى (أن تعمل وإلاّ..) بل عندما تقدم له فيتم عرضها على أنها خبرات جيدة وتجارب ناجحة يبدأها المشرف بقوله: أعطني رأيك في...، هل جربت..؟، سبق لي أن قمت ب.. هكذا.
جميل أن يرفع المشرف التربوي سقف الطموح والأمل عند المعمل مهما كان أداؤه؛ لأن (المشرف) قد لا يعلم بسر إخفاقات المعلم فقد تكون هناك إشكالات عمل أو مشكلات خاصة فرضت سطوتها على أدائه وأثرت في عطائه فعندما يبحث المشرف عن منجزٍ وإن كان صغيراً عند المعلم ليجعله القاعدة التي يبني عليها جلسته التربوية مع المعلم ومن هذه القاعدة ينطلق نحو تشييد بناء جديد فيتحول دور المشرف للبناء فهذا هو الجيد.
عندما يكون هم المشرف التربوي في الميدان ومع زملائه المعلمين منصباً على مكافأة المميز وإبراز جهوده وتصحيح مسار الأخطاء عند من وقع
فيها بأساليب تربوية بعيداً عن الميل نحو خانة العقوبات فهذا من شأنه خلق أجواء صحية يتم العمل وسطها بروح عالية مع المبرز من المعلمين لشعوره بأن جهده لم يضع سدى ومع المقصر الذي يشعر بأن المشرف يعلم بالجوانب التي تحتاج لرعاية ولهذا سيكون تصحيح الأخطاء أمراً سهلاً.
أن يتخيل المشرف التربوي نفسه مكان المعلم عندما يسره أن يسمع ثناء المشرف على منجزاته عندما يسره الأسلوب الأمثل في التعامل عندما يقف معه حول الجوانب التي تحتاج للاهتمام من هنا يستطيع المشرف أن يشعر المعلم بأن (أنت - أنا) وبالتالي لن يخطئ (أنا) في حق (أنا) وستكون العلاقة محفوفة بالاحترام والتقدير والحب.
تقوى العلاقة بين المشرف التربوي والمعلم عندما يكون يبدأ الحوار أو اللقاء (بالإيجابيات) التي يرصدها المشرف عند المعلم في أدائه وعطائه ونشاطه؛ لأن ذلك سيعزز جوانب العلاقة وسينظر المعلم إلى أن المشرف لم يأت ليكشف مكامن خلله فالكمال لله ولم يحضر لتصيد أخطائه وإنما حضر
لمساعدته في كيفية استثمار قدراته وتصحيح الأخطاء والثناء مجبول عليه الإنسان والشاعر يقول:
يهوى الثناء مبرز ومقصر حب الثناء طبيعة الإنسان
يدرك المشرف التربوي أن سمات الإشراف أنه عملية تشاورية تعاونية بالإضافة إلى كون الإشراف قيادة. إن إشراك المعلم في مناقشة قضايا تربوية وأخذ رأيه بعين التقدير من شأنه أن يعزز الثقة في العلاقة لشعور المعلم بأنه جزء من منظومة العمل التربوي وأنه عضو فاعل ومساهم في ميدانه ومحاولة إقصاء رأيه والنظر إليه على أنه العنصر الذي يتلقى ولا يلقي يشكل أزمة في العلاقة.
عندما يرى المشرف التربوي أن الزيارة الصفية للمعلم هدفها تشخيص جوانب احتياج المعلم في أدائه الصفي مع طلابه ثم ترتيب مناشط تدريبية في ضوء ما يتجمع لديه من رصد وإشراك المعلم في كون احتياجه هذا هو الفعل الصحيح والهدف الأول الذي يبحث عنه المعلم وهذا ما يقوي العلاقة عندما يتضح الهدف عند الطرفين وليس الزيارة من أجل التقويم دون أن يترتب عليها أهداف أخرى.
أكثر لحظات المعلم سعادة عندما يشعر بأن المشرف التربوي كله آذان صاغية له يسمعه ويصغي إليه ويبادله الحوار والنقاش الهادئ بلا فوقية ولا تسلطية ويعطيه فرصة لعرض جهوده وإبداعاته هذا الأسلوب يجسر العلاقة بين الطرفين.
من الأمور التي تعمل على تأزيم العلاقة بين المشرف التربوي والمعلم إصرار المشرف على انطباعات سلبية نقلت إليه عن المعلم فباتت تحكم العلاقة أو استخدام عبارات العتب واللوم على الأخطاء أو الدخول في مصادمة جدلية مع آراء المعلم حتى وإن اختلف معها أو الحكم على جهود المعلم أو عطائه بالفشل.