ماسبب ضعف المخرجات التربوية في بلادنا؟..
لو سألت واحداً ممن تؤرقهم هذه المشكلة أو يتعاملون معها إما في مجال عملهم، وإما كأولياء أمور كيف توصل لهذا الاستنتاج، لأجابك بأن لديه من المؤشرات، ولعل منها ضعف القراءة، وضعف الكتابة، وقلة الثقافة العامة، وضعف المعرفة التخصصية، إضافة إلى شواهد أخرى مرتبطة بالسلوك والتعامل مع الآخرين سواء كانوا أقارب أو غير ذلك.تأملت في هذا الموضوع فرأيت أن من الواجب عدم التعميم إذ لا يمكن القول إن كل المخرجات التربوية هي بهذا المستوى، لكن طموح المجتمع بكامله يتطلع إلى أن يكون الجميع على مستوى عال من المعرفة والمهارات والسلوك المنضبط المتسم بالقيم الاجتماعية أو قيم العمل التي تتطلبها الوظيفة أيا كانت في مجال الطب أو التعليم أو الصناعة أو الزراعة أو التجارة.المسابقات الدولية التي قدر لنا دخولها والتنافس فيها أعطت دليلاً قاطعاً على ضعف المخرجات التربوية، خاصة المسابقة الدولية في العلوم والرياضيات، حيث لم يحقق طلابنا مستويات متقدمة، بل كان ترتيبهم متأخراً. لا شك أن مثل هذه النتيجة مزعجة، وتحرك فينا الرغبة في معرفة الأسباب من أجل البحث عن الحلول.سئلت ذات يوم عن أسباب هذه المشكلة التربوية، فأجبت السائل بأن الأسباب متعددة منها ما هو مرتبط بالطلاب من ذكاء، ودافعية، ومنها ما هو مرتبط بالأستاذ من إلمام كاف بالمعرفة التخصصية التي يقوم بتدريسها، إضافة إلى حماسه وإخلاصه في القيام بوظيفته على الوجه الأكمل، كما أن البيئة المدرسية بشكل عام من حيث سعتها وتصميمها والإمكانات المتوافرة فيها، إضافة إلى الانتظام، والنظافة كلها عوامل ذات علاقة بمثل هذه المشكلة. المناهج الدراسية في محتواها وتصميمها وعرضها وأمثلتها، إضافة إلى طباعتها وجاذبيتها تمثل عاملاً رئيساً يسهم بشكل أو بآخر في قوة أو ضعف الطلاب.لو ناقشنا هذه العوامل لوجب علينا القول إن طلابنا لا ينقصهم الذكاء الفطري، بل إنهم يتمتعون بذكاء فطري عال يؤهلهم لمقارعة طلاب المجتمعات الأخرى في كل المعارف والتخصصات، لكن ربما تأهيل بعض المعلمين أو طريقة عرضهم وتدريسهم لموادهم الدراسية ربما يوجد فيها خلل تنعكس آثاره على مستوى الطلاب. كما أن البيئة المدرسيةعامل مهم جداً أيضاً في التأثير في مستوى الطلاب، خاصة في العلوم والرياضيات، التي تشكل علوماً أساسية في الزمن الراهن لما لها من علاقة وثيقة بالمنجزات الحضارية والتقدم التقني الهائل في المجالات كافة. الاتجاهات التي نخلقها لدى طلابنا تسهم في تقبلهم أو رفضهم هذا النوع من المعرفة أو تلك، ويمكن أن ما يسمعه الطالب من أبويه أو إخوانه، أو من رفاقه وأبناء جيرانه خاصة بشأن العلوم والرياضيات له دور بالغ في التأثير السلبي أو الإيجابي. قد يسمع الطالب أن الرياضيات صعبة، أو أن العلوم معقدة، أو أن الرياضيات النجاح فيها قليل، أو أنه لا فائدة ترجى من الرياضيات ولا قيمة لها في حياة الناس. مثل هذه العبارات تلامس مشاعر الطالب ومن ثم تؤثر في تفكيره ونظرته نحو هذه المواد، وقد يشعر بالعجز حيالها وعندما يوجد لديه هذا الشعور يرى أنه لا فائدة من بذل الجهد أو الحرص على هذه المواد.