فلذات الاكباد بين المطرقة والسندان
مما لا شك فيه أن الأبناء أمانة في أعناقنا نحن الآباء والمربون ، وهم شغلنا الشاغل نفكر في تربيتهم ، وفي إسعادهم ، وفي مستقبلهم ، ونخطط لهم ما ييسره الله لنا من تخطيط ، نوفر لهم – بحول الله – مقدرات الحياة من مسكن ومطعم ومشرب وملبس ونضرع إلى الله أن يكونوا من السعداء في الدارين ... ولكن سرعان ما تدور بنا عجلة الحياة ، وزحمة الأشغال وتبعدنا عن أبنائنا ونتركهم لقمة سائغة لمفترسات الأوقات والأعمار : من التلفاز والألعاب الالكترونية ( السوني) ورفاق الشارع وما أدراك ما هم ؟ لا نلقي لهم بالاً ، ولا نقدر لهم أثراً على أبنائنا إلا بعد وقوع الأخطار والمصائب لا قدر الله .
لقد أُجريت عدة دراسات في أمريكا وبعض الدول الأوربية على الآثار السلبية للتلفاز على الأبناء وبخاصة الأطفال ومنها على سبيل المثال لا الحصر : ضياع الوقت فيما لا ينفع ، إرهاق العينين والجسم ، والعقل وناهيك عن السهر الزائد ، وعدم الرغبة في أداء الأعمال من مذاكرة ، وواجبات وغيرها ، والعزلة بين الأشقاء والإخوان بسبب الجلوس لساعات طويلة منفرداً ، ومشاهدة أشياء ومناظر تتنافى مع خلقنا وديننا ، والتأثر فكرياً ببعض الأشخاص ورواد الشاشة وقد يكونون من أصحاب الفكر السقيم ، والمنهج المعوج ، وناهيك أن الألعاب الالكترونية ( السوني ) وما تحمل في طياتها من مخالفات شرعية ، وغرس أفكار سيئة في عقول الناشئة ، ويزداد الطين بلة إذا تُرك الأبناء لرفاق الشارع فتتلقفهم الأيدي العابثة فتعبث بأفكارهم وعقولهم وبخاصة من رفاق السوء... ويجد الأبناء متعة المرافقة لهم والبعد عن رقابة الوالدين , فمنهم من ينحرف ، ومنهم من يتعلم الكذب والمراوغة على الوالدين حتى لا يعرفان عنه شيئاً ... وهكذا تدور الأيام حتى يفيق الوالد على مصيبة لا قدر الله ، أو أمر يقلق منامه ، أو صنيع لابنه ينكس الرأس منه لا قدر الله ... إذن ما الخلاص ؟
هل نغلق التلفاز ونمنع الألعاب الالكترونية ( السوني ) ، وهل نحبس الأبناء بين جدران البيت ؟ بالطبع لا ؛ لأن ذلك ليس هو الدواء النافع ، لكن " سددوا وقاربوا ". اجلس مع الأبناء وناقشهم وحاورهم وبيّن لهم النافع والضار والحلال والحرام ، وكيف نستفيد من دنيانا لآخرتنا ؟ متى نشاهد التلفاز؟ وماذا نرى فيه ؟ وماذا ينفعنا منه؟ وماذا يضرنا ويبعدنا عن ديننا وأخلاقنا منه ؟ واقترح عليهم أن نغلق التلفاز لمدة أسبوع مثلاً، ونترك ألعاب السوني أيضاً لنفس الفترة ، ثم نجلس نتدارس الآثار الايجابية لذلك. ستجد آثاراً طيبة وعجيبة ومرضية إن شاء الله .
ويمكن أيضاً أن تُبعد التلفاز عن غرف نومهم لأن ذلك له آثار سلبية خطيرة على الأبناء وأشدها خطراً التفرد و التوحد والعزلة والبُعد عن الإخوان والأخوات ، والتأخر في النوم ومن ثم ضياع الصلاة .
أما ألعاب السوني ، فانتق لهم الألعاب المفيدة التي لا تتنافى مع الخلق والدين ، ولا تؤثر سلباً على الأبناء ... واعط لنفسك بعض الوقت للجلوس معهم ومناقشتهم فيما يشاهدون ليطمئن قلبك فهم فلذة الكبد والأمانة الكبرى بين يديك " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا .."
أما الشق الآخر وهم رفاق الشارع فيلزمك المتابعة الدقيقة ، والاهتمام بهذا الأمر بالسؤال عمن يصاحبون ؟ وبمن يختلطون ؟
واملأ فراغهم بإلحاقهم بحلق القرآن ، وإشراكهم بالنوادي الرياضية التي ترى فيها نفعاً وفائدة .
فالحرص الحرص على الأبناء ، ولا تشغلك مشاغل الحياة عنهم ، وادع الله لهم بظهر الغيب بالهداية والرشاد حتى يطمئن قلبك وتقر بهم عينك بإذن الله .
سائلين الله أن يحفظ أبناء المسلمين من كل شر و سوء.