مفاتيح القلوب
احرص على صون القلــــوب من الأذى فرجــوعـهـا بعـد التنافــر يعســـر
إن القلــــوب إذا تـنـــــافــــــــــر ودهـــــا مثل الزجـاج كـسرها لا يجبــــــر
إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، ولذا فالقلوب متغيرة وليست ثابتة على حال ، وهذه فطرة الله في خلقه فسبحان الخالق المقدر، والمتأمل بعين باصرة ، وبصيرة ثاقبة يجد الأمر يحتاج إلى وقفة متأنية مع النفس والذات ليعرف حقيقة هذه المضغة التي بين جنبيه ، فيوجهها الوجهة الصحيحة التي ترضي الرَّب ، وتصنع له ألفةً ووداً مع إخوانه ، حتى يصبح إلفاً مألوفاً ، ولذا فكان لزاماً أن نضع بين يدي القارئ حزمة من المفاتيح القلبية المُعينة لجلب التواد والتراحم والحب والألفة بين قلبه وقلوب الآخرين وأول هذه المفاتيح الابتسامة ، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم " فتبسمك في وجه أخيك صدقة " فالابتسامة لها أثر عجيب في النفوس كباراً وصغاراً فحين تلقى أخاك بوجه طلق تتفتح أساريره وينشرح صدره لمحياك ، ويتقبل منك كل رسائلك ، وقيل أن طفلك إذا أغضبته أو زجرته فإنه ينظر إلى وجهك أولاً فإذا وجدك باسماً زال ألم الزجر، وعلت شفتيه ابتسامة الرضا ، وإن وجدك متجهماً شعر بألم الزجر, وقسوة التعنيف فغلبت عليه عبرته وذرفت عيناه دمعاً رقراقاً .
وثاني المفاتيح إلقاء السلام على من تلقاه فالسلام هو تحية الإسلام، وتحية أهل الجنة ففيه وميضُ يصل إلى القلوب وله طراوة تُبرد القلوب وتريحها وترققها ترقيقاً وصدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم " تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا ".
وثالث المفاتيح : الإحسان إلى الناس ومساعدتهم على قضاء حوائجهم فللإ حسان أثر عجيب في نفس الإنسان فكم تصافت قلوب بسبب الإحسان ! وكم تقاربت قلوب بسبب معروف أُسدي إليها ! فهو أعلى درجات الإيمان ومحبب إلى الله عز وجل قال تعالى :-" وأحسنوا إن الله يُحب المحسنين "
ورابع المفاتيح :- الهدية وما أدراك ما الهدية !
فهي سهم نافذ إلى سويداء القلب ، ولها أثر البرد ، على النفس ففيها دلالات المحبة ، ومؤشرات الرضا عمن تُهديه وبها يشعر المُهدَى إليه بقيمته ، ومنزلته في نفسك ، ولذا فهي مؤلفة – بعد الله – للقلوب ولك في نبي الرحمة الأسوة الحسنة " تهادوا تحابوا " .
وخامسها : تمثّل أدب الحوار والخلاف مع الآخرين ، فإن تكلمت فتخير من الكلام ألينه وأحسنه وأنفعه لدينك و دنياك " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " النساء114
وإذا استمعت فأنصت إلى مُحدثك ، وشنّف له أذنك ، ولا تنصرف عنه بوجهك وأعطه اهتماماً ، وإذا اختلفت في أمر معه فتمثل أدب الخلاف والحوار، وبهذا فقد ملكت قلب محدثك ، ووثقت أواصر الود والألفة معه ولله در من امتلك المفاتيح وأحسن استخدامها.