العلاقات الخمس (التي تساعد على إقامة الاتصال بين المعلم وطلابه)
أخي المعلم ، يمكنك أن تساعد طلابك على الشعور بأنهم على اتصال بك ، وذلك بإقامة علاقات معهم تنطوي على الكثير من القبول والاهتمام والتقدير والتأكيد الإيجابي والمحبة في الله وعندما نجعل من أنفسنا نحن – المعلمين – نماذج لهذه العلاقات سيتعلم الطلاب كيف يبادرون إلى إقامة علاقات إيجابية مع أقرانهم ، وكيف يحافظون عليها ، وسنشجعهم على قبول جهودنا في الانضباط والتدريس أو المساعدة في مجالات أخرى ... أما إذا حجبناها عنهم فمن المحتمل أن يصبحوا عدائيين وغير متعاونين .
وهاك أخي أهم طرق الاتصال وجسور الصلة بينك وبين طلابك :
* القبول :- إن أكبر هدية تهديها إلى تلميذك هي " القبول الكلي" به كشخص بكل خصوصياته وعيوبه وأخطائه ويجب أن يكون القبول خالصاً وغير مشروط، يقول الدكتور عائض القرني في كتاب لا تحزن :" اقْبَلِ الناس على ما هم عليه ، وسامح ما يَبْدُر منهم ، واعْلَمْ أن هذه هي سنة الله في الناس والحياة. ويقول أيضاً :" لا تعش في المثاليات ، بل عش واقعك ، فأنت تريد من الناس ما لا تستطيعه فكن عادلاً .
ويقول أيضاً :" تيقن أن كل تعامل من أخ وابن وزوجة قريب وصديق لا يخلومن عيبٍ،فَوَطِّنْ نفسك على تَقَبُّلِ المجتمع .
* الاهتمام : - يأتي مَنْحُ الاهتمام بأن نشرح صدورنا للطلاب ، ونجعل لهم نصيباً من وقتنا و طاقتنا بطرق ذات معنى ، ويمكننا أن نمنع الكثير من الفوضى داخل الفصل إذا وفرنا جرعات كبيرة من الاهتمام الايجابي بالطلاب ولكن قد يسأل المعلم سؤالاً كيف يمكن لمعلم واحد أن يمنح الاهتمام الشخصي لعشرين أو ثلاثين طالباً في صف واحد ويظل قادراً على تغطية المقرر الدراسي وينهي أعماله؟
سؤال وجيه وموضوعي .. لكن لحسن الحظ ليست كمية الاهتمام هي المهمة بل نوعية الاهتمام وقد لا يتطلب ذلك سوى لحظات، ولكن يمكن أن نشعر بتأثيراتها . الايجابية المجدية لساعات بل لأيام وأسابيع.
وهاك بعض الطرق التي يمكنك من خلالها توصيل اهتمامك للطلاب :
* حَيِّ الطلاب : إن تحية الطلاب أسرع وأسهل طريقة لجعل كل طالب يحصل على كمية صغيرة من الاهتمام الجيد ... فلا تدخل في درسك مباشرة بل امنح طلابك دقيقة أو دقيقتين لتحييهم ، واعْلَمْ أن هذا الجهد لن يضيع سدى بل ستجد أثره على طلابك .
* استمع إلى طلابك وإلى ما يطرحونه عليك من مشكلات ولو كانت خاصة بهم .
فقد يظن بعض المعلمين أن هذه مضيعة للوقت والجهد .. وبخاصة إذا كانت المشكلات غير صفية أو متعلقة بالمقرر الدراسي .. ولكن رجالات التربية المختصين يقولون لك .. إن جلسة واحدة لمدة دقائق مع تلميذك يمكن أن تقوي العلاقات بينك وبين الطلاب للسنة برمتها.
- وعليك عند الاستماع إلى مشكلة تلميذك ما يلي :
[1] حافظ على هدوئك وحكمتك .
[2] أعط إشارات غير لفظية توحي بالاهتمام .
[3] عبِّر عن الاهتمام لفظياً من غير كلمات باستخدام أصواتٍ مشجعة مثل (آه - إي - أو ...) مع الإبقاء على نبرة صوت ودّية .
[4] تأمل في أقوال الطالب .
[5] اقتصد في طرح الأسئلة على مَنْ تسمعه .
* عَوِّد طلابك على أن يطلبواالاهتمام إذا فقدوه منك .
وقبل أن نترك الاهتمام .. أهديك أخي الحبيب تشكيلة عجيبة من الأفكار تساعد على منح الاهتمام بالطلاب :
-اقْضِ وقتاً في التحدث مع الطلاب في قاعة الدرس بعد الحصة ولو لدقيقتين .
- اسأل الطلاب عن حياتهم خارج المدرسة .
-تذكر ما يتحدث به الطلاب معك واذكر ذلك في الوقت المناسب .
-تناول طعامك مع الطلاب ولو في المناسبات المقامة في المدرسة .
- احضر الأحداث الرياضية والنشاطات المقامة في المدرسة .
- امنح فرصة للقاء الطلاب جماعياً أو فردياً .
-أَبْدِ اهْتماماً صادقاً بأعمال الطلاب وهواياتهم .
- كن عطوفاً متروياً متعففاً عن السَّبِّ والشتم والسخرية مع طلابك .
وتذكر " إن الله لا يحبُ الجهر بالسوء من القول ... " الآية .
* التقدير :-
يرى عالما النفس د . سيد خير الله – ووليام جيمس " أن أعمق قواعد الطبيعة البشرية هي التوق الشديد إلى التقدير " ولكي تظهر لطلابك أنك تقدرهم يمكنك أن نُبَيِّنَ لهم قيمة ما قدموه من أفعال وأعمال قد أفادتنا وأفادت الصف أو المدرسة .
وهنا نلفت نظرك أخي الحبيب .. أن هناك بَوْنٌ شاسعٌ بين التقدير والاستحسان والإطراء ، فالتقدير ينصبُّ على الطالب " صاحب الفعل" وليس على الفعل أو الإنجاز ، ولذا يجب عليك أن تقدر الفعل وليس الفاعل.
فالتقدير في حد ذاته ليس به أي ضرر ، لكن إساءة استعماله قد تكون لها تأثيرات مؤذية فالكثير من المعلمين قد مدحوا طلابهم إلى آخر المدى وفجأة يروا سلوكهم يتدهور بعد ذلك بدقائق ، وهذا التدهور ليس نابعاً من التقدير بحد ذاته بل من الطريقة التي أُعْطِيَ فيها فعندما يُوجه التقدير إلى الفاعل وبعبارات شخصية غير موضوعية تكون طريقة منح التقدير غير سليمة.
أما الاستعمال الأمثل للتقدير فهو أن تخاطب الفعل وليس الفاعل . فبتركيزنا على الفعل نربط بين المديح والسلوك الذي نود أن يتكرر وبذا يعرف الطالب بالضبط ما الذي فعله ليستحق تقديرنا ، مما يزيد من فُرص عودته إلى نفس السلوك الحسن أو إلى سلوك مشابه .
ولكي تكون ناجحاً في تقديرك صِفِ السلوك وصفاً دقيقاً
أشكر لك هذا الصنيع .
كقولك : شكراً على ما قدمت من مساعدة لزملائك .
جُزيت خيراً على تثبيت اللوحة .
رفع الله قدرك على الإتيان بطاولة لمعلمك .
وهكذا .. واحرصْ أخي المعلم على أن تكون عبارات التقدير من ثلاثة أجزاء لتصف الأمور الآتية بعد تحديد السلوك الذي فعله الطالب .
-فعل الطالب -كيف نشعر نحو الفعل -التأثير الإيجابي للفعل
وحبذا لو كانت هذه العبارات مكتوبة على دفتر التلميذ مثلاً .. أو على قصاصة وتهدى له ... إلخ .
* التأكيد الإيجابي :
يمكن أن نقدم عبارة تأكيد إيجابية لفظية أو مكتوبة لنُعرب عن اعترافنا بالسمات الإيجابية في شخصية الطالب ، ولأن السمات أشياء غير ملموسة فأفضل طريقة للاعتراف بها هي العبارات التي توجه إلى الفاعل وليس للفعل . ومن شأن هذه العبارات تشجيع الطلاب على الإيمان بالسمات الإيجابية المرغوبة وبثّ مشاعر طيبة لديهم .
وهاك بعض السمات الإيجابية التي يمكن أن تذكرها للطالب لفظاً أو كتابةً:
(طموح - إنصاف - صبر)
(مرح - حماسة - ابتكار)
(ممكن الاعتماد عليه - ذكاء - قوة)
(نظافة - رقة - تهذيب)
(شجاعة - مساعدة - شعبية )
(مثابرة - إقدام - وُدّ ) ... إلخ .
وصيغة هذه السمات :
أنا أعرف أنَّكَ سَمْحٌ محترمٌ جريءٌ ... إلخ .
* المحبة في الله : يقول الله تعالى : "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ الله لِنْتَ لهم ولو كنْتَ فَظّاً غليظَ القلبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك " آية 159 سورة آل عمران .
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظِلَّه وذكر منهم رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه ... " أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
ويقول جُلُّ رجالِ التربية : إِنَّ جوَّ المحبة بين المعلم والطالب أمر جوهري للتعلم الناجح فالمعلمون الجيدون البارعون هم أولئك الذين لا يكتفون بتقديم المعلومات بطريقة منسقة وذكية فحسب . بل يمكنهم أيضاً أن يُنشِئُوا علاقات محبة متبادلة مع طلابهم
واعلم أخي الحبيب .. أن المحبة ليست أداة تستخدمها في إحداث سلوك معين أو تعزيز بل هي هدية لا تحدها قيود أو شروط فهي ليست من نوع ( أنا أحبك عندما .... ) أو سأحبك لو ......... ) بل هي ببساطة أُحِبُّكَ ــ في الله ــ لأنك كذا .. وتوجه للفاعل بِغَضِّ النظر عن الفعل .
وقد يتساءل بعض الزملاء .. ما الطريقة الأنسب للتعبير للطلاب عن محبتنا في ضوء النظم والعادات والتقاليد والأعراف .. ؟ نقول لك إن حسن معاملتك للطالب وحسنَ سمتك معه ، وعفة لسانك .. وثناءَكَ عليه وشكرك له على أفعاله وأقواله لَخَيْرُ دليل على محبتك ، وهي جسور الود بين المتحابين في الله
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جُعِلَ اللسان على الفؤاد دليلا
وأخيراً أخي المعلم : نأمل أن نكون قدمنا لك شيئاً ،أو شمعة تضيء لك ..
سائلين الله لك السداد والتوفيق والإعانة .
الجمعة يناير 01, 2016 6:51 am من طرف صالح شبيل
