نشرة تربوية
تصنيف الأهداف التربوية في الرياضيات
****************************
تصنيف الأهداف التربوية في الرياضيات:
يعتبر تصنيف بلوم من أول وأشهر التصنيفات المعرفية المستخدمة في مجال الرياضيات، فهو يتفق كما يشير الدويّش (1424هـ، ص20) مع طبيعة الرياضيات، حيث إن مستويات بلوم الستة في المجال المعرفي قصد بها أن تكون للرياضيات وغيرها من المواد، ومما يدل على مناسبة ذلك التصنيف للرياضيات إيراد بلوم لعددٍ من الأمثلة الرياضية في مفردات الاختبارات لتوضيح كل مستوى من المستويات الستة، وكان بلوم وآخرون (1985م، ص ص276- 285) قد قسّموا أهداف المجال المعرفي إلى ستة مستويات متدرجة من العمليات العقلية البسيطة إلى العمليات العقلية المتقدمة بما يتفق مع المبادئ والنظريات النفسية للتعلم، حيث تصنّف الأهداف التعليمية في المجال المعرفي إلى ستة مستويات هي:
مستوى المعرفة (Knowledge) ، مستوى الفهم أو الاستيعاب (Comprehension) ، مستوى التطبيق ( Application ) ، مستوى التحليل(Analysis)، مستوى التركيب ( Synthesis ) ، مستوى التقويم (Evaluation ) ، وبالرغم من مناسبة تصنيف بلوم لمادة الرياضيات، إلا أن هذا التصنيف قد تعرّض لعدد من التعديلات والتطويرات ليتناسب مع التقويم في مجال الرياضيات، حيث إن الالتزام بمستويات المجال المعرفي لبلوم(Bloom) في بعض الأحيان يكون كما تشير نظلة خضر (1984م، ص ص181-184) غير مقبول ويجعل الأسئلة مصطنعة ومشوشة للأفكار الرياضية، وتذكر أن بجل(Begle) يرى أن الرياضيات لا تتفق بتدرج مع نظام بلوم، بالإضافة إلى أن الأعمال الرياضية التي تتطلب مستويات عالية من التفكير تتداخل فيها مستويات بلوم خاصة مستويات الفهم وما فوقه، كما أن التطبيق في الرياضيات قد يكون بأبعاد مختلفة من مجرد تطبيق إجراءات حسابية أو تطبيق قاعدة أو مبدأ أو نظرية أو قانون أَلِفَه التلميذ وتدرّب عليه إلى تطبيق جديد يؤدي إلى نمو معرفي للمادة أو خارج المادة، أو تطبيق يؤدي إلى توسع وعمل تكوين جديد، ولذلك فقد كان الجهد ورد الفعل منصباً على تعديل مستويات بلوم، خاصة المستويات الثلاثة الأخيرة وتطويعها لتناسب الرياضيات عند تقويم برامجها، حيث أجريت العديد من التعديلات على تصنيف بلوم للأهداف في المجال المعرفي لتناسب الرياضيات، ومن هذه التعديلات ما قام به كلُ من: جونسون(Johnson) عام(1967م) وبجل (Begle)عام(1967م) ووود( Wood ) عام (1968م)، وكذلك ما قام به أفتال وشتلورث (Avital and shettleworth) عام( 1968م) ، ومن التعديلات أيضاً ما قامت به إحسان شعراوي (1985م) وأبو زينة(1991م) وعبيد (2004م) ، ولكن أهم وأشهر التعديلات التي تعرض لها تصنيف بلوم لمستويات المجال المعرفي لتناسب الرياضيات كان النموذج الذي قدمه جيمس ويلسون(J.Wilson) عام (1971م)، ونظراً لأنه تمّ الاعتماد على هذا النموذج في تصنيف الأهداف التعليمية لموضوعات الوحدة، كما أن قياس تحصيل التلاميذ يتمّ عند بعض مستويات مجاله المعرفي كما ذكر في حدود الدراسة، فسيتم التعرض لهذا النموذج بشيء يسير من التفصيل:
نموذج ويلسون:
وضع جيمس ويلسون(J.Wilson) تصنيفاً للمستويات المعرفية يعتبر امتداداً لتصنيف بلوم، سمي بالنموذج الموسع (An expanded Model) وكان جيمس ويلسون قد كيّف وبلور نموذجه من نموذج بجل (Begle) المطوّر عن تصنيف بلوم ليتناسب مع طبيعة مادة الرياضيات، فهو يهدف إلى تقديم نموذج جدول مواصفات يساعد معلمي الرياضيات والعاملين في مجال مناهج الرياضيات في بناء اختبارات جيدة لاستخدامها في تقويم الطلاب في الرياضيات، حيث يخدم النموذج مسائل المنهج وطرق التدريس والتقويم، وتصنّف الأهداف في المجال المعرفي حسب نموذج ويلسون إلى أربعة مستويات رئيسة هي: التذكر(المعرفة)– الفهم (الاستيعاب) – التطبيق - التحليل ، وفيما يلي عرض لمستويات السلوك الرئيسة وأصنافها الجزئية التي حددها ويلسون في نموذجه: نظلة خضر(1984م، ص ص189-197) ، المقبل (1413هـ، ص ص35-50)،العبدلي (1420هـ ، ص ص14-21) ، العيثان (1422هـ، ص ص46-50)،المقوشي(1422هـ ،ص ص401-409)، الدويّش(1424هـ، ص ص 36-37):
أولاً - مستوى التذكر(المعرفة):
يمثل مستوى التذكر أدنى مستويات السلوك المتوقعة من الطالب كنواتج لتعلم الرياضيات، وهو عبارة عن استرجاع وتذكر بسيط لما تمّ دراسته من حقائق ومصطلحات فنية وتمارين روتينية بنفس الأسلوب والكيفية التي قدمت بها، ويضم هذا المستوى الأصناف الجزئية التالية:
1- معرفة حقائق معينة : وتشمل الأهداف التي يتوقع فيها أن يتعرف المتعلم أو يسترجع المادة بنفس الشكل الذي قدمت له، ويمكن أيضاً أن يضم المعلومات الأولية التي من المفترض أن يكون الطالب قد تعرف عليها خلال دراسته في سنوات سابقة.
2- معرفة المصطلحات الفنية: وهنا يتعرف التلميذ على المصطلحات التي قدمت له، ويعتبر جزءاً من أي مستوى سلوكي مركب، وتشمل هذه الفئة معرفة الرموز، وأسماء الأشكال، والخواص وغيرها من المصطلحات الرياضية.
3- القدرة على تنفيذ خوارزميات (إجراءات) رياضية: أي القدرة على التعامل مع عناصر المسألة على أساس قواعد منظمة سابقاً، ولا يتوقع هنا أن يختار الطالب الإجراء الرياضي، إذ إن الاختيار ينتمي إلى مستوى سلوكي أكثر تركيباً، ويعتبر ويلسون هذه الفئة من أهم الفئات في مستوى التذكر.
ثانياً - مستوى الفهم (الاستيعاب):
صمم مستوى الفهم (الاستيعاب) ليكون أكثر تركيباً وتعقيداً في السلوك من مستوى التذكر، ويقصد بالفهم القدرة على ترجمة الأفكار من شكل لفظي أو رمزي إلى شكل آخر، كأن يعبّر التلميذ بلغته عن فكرة ما، أو أن يستعمل معادلة أو صيغة رمزية للتعبير عن مضمون مسألة حسابية، ويضم مستوى الفهم الأصناف الجزئية التالية:
1- معرفة المفاهيم: صنفت (وضعت) معرفة المفاهيم في مستوى الفهم لأن المفهوم تجريد، والتجريد يتطلب نظرياً اتخاذ قرار ضمني في استخدام المفهوم أو في القول بأن شيئاً ما هو حالة أو مثالاً للمفهوم، حيث إن معرفة المفهوم في رأي ويلسون أكثر تركيباً وتعقيداً من مجرد معرفة(تذكر) حقيقية محددة.
2- معرفة المبادئ والقواعد والتعميمات: تتطلب هذه الفئة من السلوك توافق المعرفة مع المقرر الدراسي، وتعتمد على المواد التي درسها الطالب، فمعرفة المبادئ والقواعد والتعميمات تعتبر في مستوى الفهم، ولكن إذا كان المطلوب من الطالب استنتاجها أو اشتقاقها أو استخدامها لأول مرة فإن هذا السلوك أعلى من مستوى الاستيعاب.
3- معرفة بنية (تركيب) رياضية : تتضمن هذه الفئة خصائص أنظمة العد والبنى الجبرية كمعرفة خواص نظام عددي.
4- القدرة على تحويل عناصر المسألة من صيغة لأخرى: ويعني هذا الترجمة أو التحويل من شكل لفظي إلى صيغة رمزية أو صورة هندسية والعكس، أو ترجمة الصيغة الرمزية إلى شكل أبسط.
5- القدرة على متابعة مخطط استدلالي: ومعنى هذا القدرة على قراءة أو الاستماع إلى مناقشة رياضية (برهان رياضي)، وهي تمثل القدرة على تلقي الاتصال حول الرياضيات، إذ إن كثيراً من الرياضيات تقدّم بشكل استنتاجي، وتعد القدرة على تتبع مخطط أو خطوات التفكير هي القدرة على قراءة التقديمات الرياضية والتي تختلف عن القدرة العامة على القراءة.
6- القدرة على قراءة وتفسير مسألة رياضية :
وهذه الفئة أقل من القدرة على حل المشكلات، ولكنها خطوة أولية وضرورية لها وتتضمن مهارات وقدرات أبعد من المهارات اللفظية العادية والقدرة القرائية العامة.
ثالثاً- مستوى التطبيق:
يتضمن سلوك مستوى التطبيق سلسلة متعاقبة من الاستجابات تميزه عن المستويين السابقين التذكر والفهم، حيث يتمّ في هذا المستوى من السلوك اختيار التجريد المناسب من نظريات أو قواعد أو مبادئ واستخدامه بطريقة صحيحة في حل المشكلة، المفردات أو الأسئلة التي توضع في مستوى التطبيق يجب أن تكون مألوفة لدى الطلاب فتكون مشابهة للمواد التي قابلوها أثناء التعلم ولكنها غير مطابقة لها تماماً، حيث يرى بلوم وآخرون (1985م، ص ص173-174) أنه إذا ما أريد للمواقف التي يصفها الموقف الموضوعي أو الاختباري أن تشمل مستوى التطبيق، فلا بد أن تكون مواقف جديدة على الطالب أو مواقف تحتوي على عناصر جديدة بالمقارنة مع الموقف الذي تمّ فيه تعلّم التجريد، أما إذا كانت المواقف المعطاة للطالب في الاختبار مواقف تعلّم فيها الطالب أصلا معنى التجريد فإنها لا تكون في هذه الحالة في مستوى التطبيق، بل إنه سلوك يصنف في مستوى التذكر(المعرفة)، أو أحد مستويات الاستيعاب على الأكثر، ويضم مستوى التطبيق الأصناف الجزئية التالية:
1- القدرة على حل مشكلات روتينية: وتتضمن اختيار تجريد رياضي مناسب قاعدة أو مبدأ أو نظرية أو...ثم القيام بإجراء الحل وتنفيذ الخوارزمية، وإذا كانت المسالة أو المشكلة لفظية، فإن سلوك الحل يكون مسبوقاً بسلوك تكوين المشكلة في صورة رمزية.
2- القدرة على عمل مقارنات: يتوقع من الطالب في هذه الفئة أن يسترجع المعلومات ذات العلاقة من مفاهيم وتعميمات وبنى أو تراكيب رياضية، ويكتشف العلاقات ويتخذ القرارات، والطالب عندما يعمل المقارنات فإنه إلى حدٍ ما يكوّن أو يولّد خوارزمية ويتبع هذه الخوارزمية للوصول إلى اتخاذ القرار.
3- القدرة على تحليل المعلومات (البيانات): تمثل هذه الفئة الجانب التدريبي الجيد في منهج الرياضيات، وتتضمن قراءة وتفسير المعلومات والتعامل مع هذه المعلومات وتمثيلها بيانياً واتخاذ قرارات والتوصل إلى نتائج، والسلوك المطلوب من الطالب في هذه الفئة هو القدرة على تجزئة المشكلة إلى مكوناتها أو أجزائها والتمييز بين المعلومات التي لها علاقة بالمشكلة وتلك التي ليست لها علاقة بها.
4- القدرة على ملاحظة وإدراك النماذج والتشاكلات والتماثلات: تتضمن هذه الفئة استرجاع المعلومات ذات العلاقة، وتحويل عناصر المشكلة والتعامل مع هذه العناصر في سلسلة متعاقبة من الإجراءات، والتعرف على العلاقات التي تؤدي إلى حل المشكلة.
رابعاً- مستوى التحليل:
يمثل هذا المستوى أعلى مستويات المجال المعرفي في نموذج ويلسون، ويشكل أقصى درجات تعقّد السلوك، ويشمل معظم السلوك الموصوف في مستويات التحليل والتركيب والتقويم في تصنيف بلوم، ويتضمن حل مسائل غير روتينية (لم يسبق حل مثلها من قبل) واكتشاف خبرات رياضية، ويتسم السلوك في هذا المستوى بالأصالة والإبداع الرياضي، ويضم مستوى التحليل الأصناف الجزئية التالية:
1- القدرة على حل مسائل غير روتينية: وهذا يتطلب أن ينقل التلميذ ما سبق وأن تعلمه في الرياضيات إلى مواقف جديدة، والهدف هو تطوير القدرة على حل مسائل لا تشبه ما تمّ حله سابقاً، ويتطلب حل المسألة تحليلها وفصلها إلى أجزائها وتحديد ما يمكن تعلّمه من كل جزء، وقد يتطلب حل المسالة أيضاً، إعادة تنظيم عناصرها بطريقة جديدة للوصول إلى حل، وفي كل الأحوال تقدّم المسألة للطالب في وضع تكون فيه خوارزمية الحل غير متاحة له، بل إنها تتطلب طريقة استكشافية، كأن يقوم الطالب بإعداد خطة وتنفيذها.
2- القدرة على اكتشاف علاقات: يتطلب ذلك إعادة بناء عناصر المسألة بطريقة جديدة لتكوين علاقات، وهذه القدرة تختلف عن الفئة الأخيرة في مستوى التطبيق (التعرف على أنماط وتشاكلات وتماثليات)، حيث إن التلميذ هنا يكتشف العلاقة الجديدة، ولا يقتصر دوره على التعرف عليها فقط كما في التعرف على الأنماط والتشاكلات والتماثلات في مستوى التطبيق.
3- القدرة على عمل البراهين: وهي سلوك أساسي لمستوى التحليل، فلغة البرهان هي اللغة التي يقدّم بها الرياضي عمله للآخرين، والمقصود هنا القدرة على عمل البراهين، وليست القدرة على إعادة البراهين التي تكون في مستوى التطبيق، أو استرجاع البراهين التي تكون في مستوى التذكر.
4- القدرة على نقد البراهين: وهي بصفة عامة القدرة على نقد أي مناقشة أو مجادلة رياضية وهي المتممة المنطقية للقدرة على عمل البراهين.
5- القدرة على صياغة وتحقيق صدق التعميمات: وهي القدرة على اكتشاف علاقة وعمل برهان يثبت الاكتشاف، وبالرغم من أن هذه الفئة قد تشبه فئات مستوى التحليل السابقة، إلا أنها تمثّل سلوكاً أكثر تعقيداً ذلك أن الطالب يُسأل عن كيفية صياغة وإثبات العلاقة.
*****************************************************
المراجع:
1- بلوم، بنجامين وآخرون. نظام تصنيف الأهداف التربوية. ترجمة: محمد محمود الخوالدة وصادق إبراهيم عودة. ط1، جدة ، دار الشروق للنشر والتوزيع والطباعة، 1405هـ/1985م.
2- خضر، نظلة حسن.دراسات تربوية رائدة في الرياضيات . القاهرة ، عالم الكتب ، 1984م.
3- العبدلي، علي بن أبو طالب. "تقويم أسئلة كتاب الرياضيات للصف الثالث المتوسط في ضوء مستويات التفكير المعرفي وشروط السؤال الجيد". رسالة ماجستير غير منشورة ، مكة المكرمة ، كلية التربية ، جامعة أم القرى، 1420هـ.
4- العيثان، باسم بن محمد. "دراسة تحليلية مقارنة بين كتابي الرياضيات للصف الثالث الثانوي في المملكة العربية السعودية والمنهج الموحد في دول الخليج العربية في ضوء نموذج ولسن (Wilson)" . رسالة ماجستير غير منشورة ، الرياض ، كلية التربية ، جامعة الملك سعود، 1422هـ /2001م.
5- المقبل، عبد الله صالح. "دراسة تحليلية تقويمية لأسئلة اختبارات الرياضيات في الثانوية العامة في المملكة العربية السعودية في ضوء مستويات المجال المعرفي حسب تصنيف بلوم". رسالة ماجستير غير منشورة ، الرياض ، كلية التربية ، جامعة الملك سعود ، 1414هـ .
6- المقوشي، عبد الله عبد الرحمن. "قياس التفكير التجريدي حسب نظرية بياجيه لدى الطلبة الجدد الذين التحقوا بكلية التربية – جامعة الملك سعود في الفصل الدراسي الأول للعام الجامعي 1409/1410هـ وعلاقته ببعض المتغيرات". مجلة جامعة الملك سعود ، المجلد الرابع، العلوم التربوية والدراسات الإسلامية(1)،1412هـ/1992م، ص ص1- 21.
7- الدويّش، سليمان بن عبد الله. "دراسة تحليلية لتطوير أسئلة اختبارات مادة الرياضيات في المرحلة المتوسطة في منطقة الرياض التعليمية في ضوء أهداف المنهج التعليمية". رسالة دكتوراه غير منشورة، الرياض، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1424هـ.