ضعف الكفاءة التنموية للتعليم
و إن كان للتعليم في العالم الاسلامي بعض المؤشرات التي تشهد له ببعض الكفاءة، مثل العطاء العلمي المشهود لبعض مخرجاته التي هاجرت الى بيئة افضل و بعض النجاحات التنموية و خاصة في بعض اقطار العالم الاسلامي، الا ان من الواضح ان مستوى الكفاءة التنموية للتعليم في العالم الاسلامي عموما اقل سواء مما ينبغي او مقارنة بنظيره لدى الطرف الاخر في هذا الحوار( اليابان). و تتعدد اسباب ذلك، فإضافة الى الاسباب و العوامل البيئية المشار اليها آنفا هناك اسباب تعليمية أي تتعلق بالعملية التعليمية نفسها. و لعل من اهم الاسباب التعليمية افتقار النظام التعليمي للنهج الإبداعي و محفزات الابتكار لقيامه اساسا على نهج مركزية المعلم في الفصل و اعتماد التلقين و الحفظ ، والافتقار للتخطيط التعليمي الامثل و الكفيل بربط الخطط التعليمية بالخطط التنموية و ربط جميع هذه الخطط بمجمل احتياجات الفرد المجتمع و بالتركيز على تشجيع الابتكار في تعبئة الموارد المالية ، و ضعف الجانب التطبيقي و العملي في دراسة العلوم المهنية و التطبيقية، و انطواء بعض المقررات الدراسية على مضامين و مفاهيم لا تشجع التوجه التنموي، و ذلك بالإضافة الى ضعف أداء المعلمين - العنصر الأساسي في العملية التعليمية لأسباب عدة و كذا مشكلتي محدودية الاستيعاب و ارتفاع تكلفة الدراسة مقارنة بالدخول و اللتين تسهمان في إبقاء نسبة ممن هم في سن الدراسة خارج المؤسسات التعليمية و هو ما يسهم بدوره في ابقاء نسبة الأمية في العالم الإسلامي مرتفعة.
و في ضوء كل ذلك يبدو وكأن التعليم في العالم الاسلامي لم يصبح بعد تماما أداة تغيير و قد لا يكون خطأ ما قد يراود البعض من شعور بان التعليم ربما يساء توظيفه كأداة صراع ، على الأقل في بعض الاقطار الاسلامية، للابقاء على وضع راهن غير موات لا للتعليم و لا للتنمية حفاظا على مصالح بعض القوى السياسية او غير السياسية المهيمنة. و مما قد يكرس مثل ذلك الشعور الجدل القائم حول بعض المسائل التعليمية مثل مناهج التعليم غير الرسمي، و حظر او السماح بتدريس بعض المواد او المفاهيم، و - و إن ما زال خافتا- علمانية او دينية التعليم. ولا يخفى ان كل ذلك انما هي بعض مظاهر و تجليات الصراع المحتدم على التعليم في العالم الاسلامي بين أطراف مختلفة محلية و اخرى دولية.
التعليم و التنمية في العالم الاسلامي: الإصلاح
من الواضح ان مجمل ما سبق يستدعي على نحو ملح المسارعة الى إصلاح النظام التعليمي والعملية التنموية والعلاقة بينهما و كذا البيئة ذات الصلة و هو ما يجعل المرء يشعر انه ليس في إمكانه الا ان يبارك ما تشهده الساحة اليوم من دعوات محلية و خارجية للإصلاح و ان كان يُخشى- اولا- ان لا تكون هذه الدعوات سوى وجه آخر من أوجه الصراع المحلي و الدولي على التعليم في العالم الاسلامي أو – ثانيا- ان تقعد غلبة الطابع السياسي على دوافع تلك الدعوات بعملية الإصلاح عن ان يكون اصلاحا موضوعيا شاملا.
ومن المأمول فيه أن يساهم مثل هذا المنتدى/ الحوار في تيسير استفادة العالم الإسلامي،مع مراعاة اختلاف الظروف، من التجربة اليابانية الناجحة في هذا المجال. وقد يكون من المفيد ان ينظر هذا الحوار في إمكانية تشجيع قيام فعالية او فاعلية خاصة بذلك.