(المثبطون من حولنا) تراهم في كل مكان حولك فانتبه منهم، واجعل بينك وبينهم حاجزاً معنوياً وحتى حسياً، فهم أشد خطراً عليك من وسوسة الشيطان، ينفثون سمومهم وأنت لا تشعر بهم، فلهم أساليب كثيرة وعديدة، يكون ساعة في قالب مدح مبطن، أو استهزاء مع ابتسامة أو يظهر على شكل غمز و لمز, ومنه الظاهر للعيان الذي لا يحتاج إلى بيان. وهم على كل شكل ولون من حولنا، فقد يكون رئيسك أو مرؤوسك، أو من تعتبره صديق مقرباً, أو قد يكون من أقرب الأقارب. إنهم المثبطون من حولنا فاحذرهم.
إن مجرد تفكيرهم في محاولة انتقادك سلبياً يعتبر بمثابة شهادة لك بأنك موجود، وأنك مثمر فهم لا يرمونك بالحجر إلا في محاولة لقطف ثمارك، فهم قد يحسدونك على ما أنت فيه، ومن حيث يشعرون أو لا يشعرون. وقد قيل (لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله).
ومن أساليبهم أنهم إذا لم يستطيعوا أن يجدوا عليك مدخلاً نسبوا الفضل لغيرك، فتراهم ساعة يقولون لولا فلان ما وصلت لما وصلت إليه، أو لولا الشركة أو المؤسسة تلك لما أصبحت كذا وكذا. فكن على يقين، أن ما وصلت إليه جاءك بفضل الله ثم بجهدك وتعبك وسهرك, فلا تلفت لهم وامض في طريقك، فلو كان الطريق سهلاً لفعلوا مثلما فعلت ولكن شقّ عليهم الأمر، وخارت العزيمة, فكان الأسهل لهم أن يثبطوا غيرهم!
نعم، نحن بشر وقد يتأثر بعضنا بما يقال حولنا، ولكن لا تقف واجعل من كلامهم وهمزهم دافع لك يشحنك إلى الأمام، وخذ عبرة من حبر الأمة، فهو بحر بلا ساحل من العلم . فعندما أراد ابن عباس رضي الله عنه أن يطلب العلم في صغره، سأل رجلاً من الأنصار أن يرافقه في دربه، فقال له مثبطاً: (يا عجباً لك يا ابن عباس أترى أن الناس يحتاجون إليك! وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم؟)، ودارت الأيام والسنون، فصار الناس يكتظون في مجلس ابن عباس، فقال ذلك الأنصاري عندما رأى ابن عباس قد تربع على عرش العلماء: (ذلك الفتى من قريش كان أعقل مني).
عندما يكون لك هدف واضح تشعر به، ويخالج قلبك، وتقشعر له جوارحك فلا تلفت إلى المثبطين، فإنهم لم يعدوا العُدَّة كما فعلت!.