كيف نحقق الأهداف التربوية؟ الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...أما بعد... فبعد وضع الهدف تأتي خطوات تحقيق هذا الهدف متسلسلة متعاقبة حتى يصل مبتغيه إلى الهدف المنشود فيجني ثماره ويخرج حصاده ، فإن تقاعس المتمني فقد خاب وخسر ولن يصل إلى أحلامه أبدا، لأنه آثر الخلود إلى أحضان الراحة والدعة والكسل فيفاجأ بقطار العمر قد مضى سريعا وولى من غير رجعة...أما المشمر فهنيئا له في سعيه فإن جد واجتهد سيصل لهدفه حتما مهما توالت عليه العقبات وصدرت منه الهفوات والزلات وحاد عن الطريق لأنه جاد في طلب محبوبه ولن يثنيه عن ذلك الهدف مثبط ولا متخاذل أو حاسد أو غيور ... بل يصل لهدفه يكل ثقة يمشي بخطوات جريئة حتى يحقق الأمل المنشود.
ولكي نصل إلى الثمرة المرجوة ، ونستطيع أن نحقق أهدافنا التربوية في الحلقات القرآنية ، لا بد أن تتكاتف وتتظافر أربعة أطراف مهمة يسند بعضها بعضاً ، ويأخذ بعضها برقاب بعض: وهي كالآتي: (إدارة الحلقات ،المعلم ، الطالب ، ولي الأمر) أربعة أطراف لها بصماتها المؤثرة في إنجاح الدور التربوي للحلقة القرآنية، فلابد أن تسعى إدارة الحلقات أولاً إلى اختيار المعلم الفذ الناجح الذي يجمع بين الكم العلمي والحس التربوي، وأن يكون الإشراف على الحلقة متكاملاً من كل النواحي ، من الناحية الفنية والشكلية ، وأيضاً من الناحية التربوية والعلمية التي كثيراً ما تتجاهلها إدارة حلقات تحفيظ القرآن الكريم ، وأن تسعى الإدارة المختصة مع المعلم لإقامة منهجا تربويا متكاملا يختص بشؤون الدارسين في الحلقات القرآنية لمعرفة المدخل التربوي لكل مرحلة عمرية ، حتى تؤتي التربية مفعولها.
وأما علاقة الإدارة مع المعلم فينبغي أن يراعى جانب التربية والكيف بالإضافة إلى الكم ، ومن الأهمية بمكان أن يكون من يتابع المعلم أعلى رتبة علمية وتربوية من المعلم ، فيكون قد عمل معلماً للقرآن الكريم مدة زمنية طويلة ، وله باع طويل في العمل في الحلقات القرآنية بحيث يعرف معاناة المعلمين واحتياجاتهم ومشاكل الحلقات وحلولها ، ويأتي بعد ذلك دور المعلم التربوي المباشر في علاقته مع الطالب (الطرف الثالث) بأن يسعى إلى غرس القيم القرآنية والمفاهيم التربوية، والعمل على تربيته تربية صادقة، يشعر فيها الطالب بأن معلم القرآن بمثابة أخ كبير وقدوة حسنة له ، يتابع أحواله برفق ولين ، ويسعى لمصلحته في كل حين.
وأخيرا يأتي دور الطرف الرابع في إتمام المسيرة التربوية ، وهو (ولي الأمر) حيث يسعى ولي الأمر إلى إتمام علاقته مع جميع من سبق بدءاً من ابنه الذي استودعه في الحلقة القرآنية ، وأيضاً مع معلمه وإدارته.
فيراقب ولي الأمر تطور ابنه التربوي ، ويسعى إلى تعزيز القيم والأخلاق الفاضلة التي تلقاها في الحلقة القرآنية ، حتى تتكامل الثمرة وتنضج.
وينبغي أن تسعى إدارة التحفيظ والمعلم إلى التواصل المستمر مع ولي أمر الطالب لمناقشة حال الطالب وإطلاع ولي أمره على المستوى الذي وصل إليه.
فحين تتكامل هذه الأطراف ، ويؤدي كل طرف دوره المنوط به فإنه أدعى لإنضاج الثمرة .
وفي الختام: يجب على كل من حمل على عاتقه تعليم جيل قرآني صالح يتربى على المكارم وفضائل الأعمال أن لا يكتفي بوضع الهدف فقط دون السعي الجاد لتحقيقه ، فتصبح أهدافه سرابا فينتبه بعد مضي الزمن أنها قد تبخرت وتلاشت في وسط حطام يعتصره الألم والحزن والإخفاق فيرجع خائبا خاسرا... مثله كمثل الراقم على الماء فإن جهده يذهب هباء منثورا ولا يجني من تعبه إلا المشقة والنصب...