العنف المدرسي لا يواجه بالزجر والإقصاء والتهميش.
السؤال الأوّل:كيف تفسّرون تزايد ظواهر العنف المدرسيّ؟
- العنف المدرسيّ ظاهرة اجتماعية وتربوية مرتبطة بالتطور الحضاري والإجتماعي والإختلالات المرتبطة بالحياة الأسريّة من جهة،وبالقيم الثقافية والأخلاقية من جهة أخرى،لذلك فإنّ مواجهته تقتضي التوجه إلى الثقافة الإجتماعية وفي العمق منها الثقافة المدرسية،مادام يجسّد هشاشة في الأدوار والرهانات المرجوة من المدرسة اليوم،مثلما يجسّد عبثيّة ادّعاءات إصلاح نظامنا التعليميّ،ولأنّ العنف المدرسيّ سلوك تدميريّ للذّات قبل أن يكون تدميرا للآخر وللمؤسّسة وقيّمها التربويّة ،فإنّ من يلتجئ إليه هو شخص لم يحقّق بعد اندماجه في محيطه التربويّ والوظيفيّ، فتراه يسلك طريقة تخريبيّة انتحاريّة تعكس اضطرابا في علاقته بالمؤسّسة،أي اضطرابا في العلاقة بينه كفرد والقيّم الجمعيّة،كما يعكس نوعا من انفراط في العلاقة بينه كفرد وبين المثل والقيم الإجتماعيّة...ناهيك عن كون العنف محاولة يائسة لنفي أسس الحياة الإجتماعية التي يجسدها القانون ومعاييره المؤسّسة للعلاقات والمدبّرة للخلافات.
- العنف أيضا هو نفي للآخر،للغير،بل هو تجسيد دراماتيكي لهذا النفي يعبّر عن تدنّ في تمثّل القيم الديمقراطية والسلوك المدني،إن لم نقل غياب الأخذ بهما في تدبير العلاقات والخلافات بين مكوّنات الحياة المدرسيّة.
- السؤال الثاني: كيف يمكن للأسرة أن تكون شريكا في الوقاية من العنف داخل المؤسّسات التعليميّة؟
- كانت الأسرة دوما شريكا للمدرسة في حالة النجاح،كما أنّها أيضا شريكا في حالة الإخفاق،عندما يحدث عنف مدرسيّ ما داخل مؤسسة تعليمية،كالذي حدث في سلا،فإن الأسرة غير معفية من تحمل المسؤولية،بل أجزم بأنّها سبب من الأسباب المباشرة لها،إنّ الأسرة المفكّكة أو الأسرة المتسلّطة والتي لا تحترم قيم الحوار بين أفرادها،ولا تحترم ذاتية التلميذ وحقه في التعبير عن رأيه واختياراته،لا يمكن إلاّ أن تنتج تلامذة يتخذون من المدرسة متنفسا لكل ما حرموا منه في أسرهم،وفي ظل غياب لبرامج مدرسية تشكل عنصر جاذبية للتلميذ،فإنّه من الطبيعيّ أن يصبح عنيفا،ويلجأ إلى الوسائل نفسها الموجودة في الشارع لفرض تصوّره وانتزاع الإعتراف به،وهو العنف طبعا.
- السؤال الثالث:هل المقاربة الزجرية كافية لاحتواء ظواهر العنف المدرسيّ؟
- العنف المدرسي لا يواجه بالزجر والإقصاء والتهميش،بل بالتنشيط الفعال للحياة المدرسية،وهذا يقتضي تكوينا فعالا لأجيال المدرّسين، التكوين الذي يمنح من أفق قيم المجتمع العصري الحداثيّ المؤمن بسيادة القانون والقيم التربوية والأخلاقية الحديثة التي تؤطّرها النّظريات الحديثة في البيداغوجية،أي تكوين مدرسين واعين بأدوارهم الجديدة التي لم تعد تقتصر على إلقاء الدروس والإنصراف...بل أيضا الإبانة عن الفعالية والنجاعة في الأندية التربوية وخلايا الإنصات وكل ما من شأنه أن يجعل التلميذ المراهق يصرف"غضبه"-وهو بالمناسبة طاقة حيويّة-في أعمال شجاعة هي في حدّ ذاتها إمكانية للتعبير عن"الغضب المشروع" وتصريفه بما يضفي على الذات قيمة ومعنى.
- إنّ انفعال الغضب قد يؤدّي إلى التّدمير/المأساة،كما هو الحال في مشكل الثانوية الإعدادية بسلا.وهو أيضا قد يجد من يوجهه في اتجاه الخلق والإبداع.ولا شك أن البيئة المناسبة لهذا التوجيه هي الحياة المدرسية،تلك الحياة التي يمكن أن نقول عنها بأنّها مفعّلة في تقارير لا تتناسب مع الحقيقة على الأرض وينبغي تضافر جهود جمعيات الآباء والمجتمع المدني والأسر لبعث الروح فيها.