الوعي التربوي والديني لدى الوالدين
لقد تغيرت معايير الصلاح والتربية اليوم بشكل قد أدى إلى فجوة كبيرة جدًا بين جيل الآباء والأمهات وجيل الأبناء فالوالدين اليوم يعتقدون بأن جيل أبنائهم جيل لا يتحمل المسؤولية وغير جدي في التعامل مع مجريات الحياة ... وفي المقابل أيضًا يعتقد بعض الأبناء بأن جيل الآباء والأمهات جيل قديم ولا يعي احتياجات العصر المتجددة اليوم.
في السابق يمكن للوالدين الذين لا يعون أهمية التربية والتوجيه الديني لأبنائهم بأن ينتجوا جيل جيد من الناحية التربوية الدينية وذلك بسبب وجود بيئة تربوية يشارك فيها الجار والعم والخال والجد والمدرسة في تربية وتوجيه الأبناء بمصداقية تامة.
أما اليوم وفي عصرنا الحاضر فقد تغيرت المعادلة كلياً فالبيئة التربوية التي كانت موجودة سابقا أصبحت غير موجودة تقريباً فالجار ليس له حق التدخل بأبناء جاره حتى ولو كان ابن الجار على مسار خاطئ ، وان فقد نعمة البيت الكبير الذي كان يضم الجد والجدة والأعمام في السابق أدى إلى فقد التقارب والتعاون الأسري الموجود سابقا لأسباب كثيرة لعل أهمها متطلبات العصر والبحث عن الوظيفة ورغد العيش.
ومن جهة أخرى اتسعت دائرة الموجهين للأطفال ومصادر تلقي المعلومة وذلك بشكل كبير ومذهل حيث أن التلفاز بتعدد قنواته الفضائية والانترنت والهواتف المحمولة والألعاب المتطورة من أهم المشاركين دون اختيار في تربية الأبناء اليوم مع والديهم .
لذلك فان من المهم جدا أن ينتبه الوالدين لهذه المسألة ويجب التسلح بالوعي والاطلاع على كل مستجدات هذا العصر فقد تغيرت أساليب التربية اليوم عن الأجيال السابقة من مجرد توجيهات وأوامر يصدرها الوالدين والمحيطين بالابن إلى تربية فكرية وتوعية للابن منذ الصغر عن كل ما يحيط به من أخطار وما يصح وما لا يصح من تصرفات قد تؤثر سلبا على تربية الأبناء ،وعلاوة على ذلك فيجب تعويد الأبناء على الحوار والمشاركة في كل ما يخصهم بأسلوب راقي ، وتبرير كل القرارات والتصرفات التي تتخذ في المنزل تبريراً منطقياً لكي يصل الابن إلى القناعة التامة والكاملة عن كل تصرف يقدم عليه في المستقبل .
وليكن الرسول أسوتنا في تعامله مع أبناء المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة ،وإن معالجته صلى الله علية وسلم لطلب الفتي الذي أتاه .. فقال : يا رسول الله ! ائذن لي بالزنا ! فأقبل القوم عليه فزجروه .. وقالوا مه مه ! فقال : ادنه . فدنا منه قريبا . قال : فجلس . قال أتحبه لأمك ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم . قال أفتحبه لابنتك ؟ قال : لا والله يا رسول الله ! جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم . قال أتحبه لأختك ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لأخواتهم . قال أتحبه لعمتك ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لعماتهم . قال أتحبه لخالتك ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لخالاتهم . قال : فوضع يده عليه ، وقال : اللهم ! اغفر ذنبه ، وطهر قلبه ، وحصن فرجه . فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء . صححه الألباني.
ختاماً فإن كل ما ذكرناه يعتبر من المسببات والمسؤولية التي يجب على الأبوين الاحتراز لها والتنبه الشديد لها والبحث في السبل التي توصل إلى التربية الصحيحة من أساليب وطرق ومناهج تربوية ، ويجب علينا إن نعلم بأن الهداية أولا وأخرا من الله وحده لذلك فليكن الدعاء ملازماً لنا في كل وقت وحين.
ويقول تعالى: ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
يقول تعالى: ( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء)